هدوء
مطلب
لكثير من الناس
وربما
يكون أقصى أمانيهم هو الحصول على القليل منه
أنا
أيضا كنت مثلهم
أستجدي
الهدوء في ضجيج الحياة
اليوم
لا أملك سواه
هدوء
تام
محكم
منذ
وقت أعيشه رغما عني
لكن
هذه الليلة الهدوء يخنقني
يخنقني
فعليا
ليس
بالمعنى المجازي
ثلاثة
أيام لم أغادر هذه الجدران
لم
أتمكن من السفر إلى صغيري
بقيت
هنا
هنا
حيث لا شيء سوى هذا الهدوء
ألتمس
طيلة اليوم صوت أطفال في الشارع
مشاجرة
عائلية في إحدى الشقق
مناقشات
لا يهمني فحواها بقدر ما يهمني تصارع الأصوات الصارخة بها
لكن
عبثا كل ذلك
لا
شيء هنا
ربما
تمر كل ساعتين أو أكثر سيارة مسرعة يصلني بقايا نواح عجلاتها على شارع تطل عليه
نافذة غرفة النوم
النافذة
التي لم أفتحها حتى الآن كونها بلا حماية
تبا
للحمايات
مما
أحتمي؟
في
هذه الشقة يوجد بلكونة صغيرة جدا
لكن
سورها الحديدي حولها إلى صندوق معدني بالكاد نجت منه قطعة من السماء
قطعة
صغيرة نجت من الحصار
قبل
قليل حينما اشتد اختناقي حملت قهوتي وسجائري إلى هناك
لكن
هناك الاختناق أكثر
لا
يوجد هنا هواء
صدقا
هذه الليلة تخنقني
حتى
والدتي التي كنت أهاتفها يوميا ليست هنا
صحيح
أني لا أطيل الحديث معها خشية أن تفضح حزني لكن على الأقل كنت أغتال معها القليل
من الوقت
والدتي
سافرت إلى الأردن لتودع جدتي الطيبة
جدتي
التي دخلت منذ أسبوع في غيبوبة نهائية
لم
أفكر بالذهاب إلى هناك
لا
يمكنني رؤيتها بهذا الشكل
بلا
حياة
رأيت
صورتها حين أرسلتها خالتي
كانت
ممددة على سرير أبيض
ترتدي
ثياب زرقاء
وعجبت
كثيرا
أهي
صدفة؟ أم ترتيب قدر؟
هي
كخالي يوم رحل
كان
يرتدي الأزرق على سرير أبيض
وتساءلت
هل
تعلم جدتي أن تعويذتها ليست معها؟
هل
تعلم أن قميص خالي الذي احتفظت به لأكثر من ثلاثين سنة تحت مخدتها ليس اليوم تحت
هذه المخدة؟
في
الصورة كانت مقيدة بكثير من الأسلاك التي تتصل بأجهزة الحياة
هامدة
كل
ما فيها ساكن
لكن
عينيها مفتوحة
وربما
تهيأ لي ذلك
لو
حقا هي ترى فماذا ترى؟
يقولون
أنها لا تستيقظ أبدا غير أن شفتيها تتحركان بعض الوقت ولا يفهمون
ترى
ماذا تريدين يا جدتي؟
سامحيني
جدتي و أنت يا أمي سامحيني فأنا أضعف من أن أكون هناك
ليتني
فقط أتخلص من هذا الاختناق قليلا
ليتني
أغادر هذا الحزن يوما
لما
لا يكون لهذا الوجع نهاية؟؟؟
المشكلة
أن لا صديقات لي
دوما
كنت لا أجيد العلاقات الاجتماعية
الليلة
أتمنى لو أني كالكثيرين حولي
يومي
مزدحم بتفاصيل مزعجة وأحاديث أغلبها سطحي جدا لكنه قادر على قتل كل حزن قد يحاول
التسلل لعالمي
بالأمس
قبل أن أنام بعد ساعات من المحاولة
كنت
أقرأ بعض رسائلك إلي
((هل
ينقصك شيء؟؟ هل تعانين من شيء؟؟))
ينقصني
أنت
ينقصني
الاطمئنان عليك والتحدث معك
أعاني
غيابك منذ سنوات
منذ
رحيلك و أنا أتخبط بعشوائية تزيد ضياعي كل لحظة
منذ
رحيلك رهنت روحي لانتظارك و أعلم أني لن أخسر الرهان
قلت
لي يوما
((مدونتك
لم تغادرني للحظة))
لذا
ما زلت أكتب هنا
لأني
أعلم أنك لن تغيب عنها حتى و إن تغيبت عني
لولا
يقيني التام أنك هنا ما كتبت
لم
يعد هناك وسيلة للتواصل معك سوى هنا من خلال هذه المدونة
أكتب
هنا لك
لأنك
يوما قلت لي ((لا تغيبي فلك في صدري مكانة عزيزة جدا جدا))
لذا
لم أغب عن هذه المدونة كي لا أغيب عنك
كلما
مررت من هنا لأترك لك بعض الكلمات أعود بعدها كل يوم أبحث عنك
أعود
كل يوم و أنا أنتظر عبارتك التي ترددها كلما نجحت في استفزاز غيابي((استطعت أن
أخرجك من وكرك أيتها القطة))
يوما
سأجدها
لأنك
هنا حتى لو طال غيابك
كن
بخير
فأنا
لست بخير
ناديا
12 اكتوبر 2019
7:00 م