وبكت السماء
وصاحت الدنيا
وذاب بين أضلعي فؤاد يحتويك
وبكت السماء
وفاضت الأرض حزنا
وهي تفتح أحضانها لتحتويك
وبكيت أنا
وبكى الجميع
عجبا لك كيف أدمى رحيلك كل القلوب
كيف أبكيت كل العيون
حتى السماء ما بخلت عليك بدموعها
قالوا تعب قالوا غاب عن الوعي
قالوا وقالوا وقالوا
وكثرت أحاديثهم
وزادت كلماتهم اليائسة
لست أدري كيف حملني الطريق إليك
ولا أعلم أي جبروت تملكني لحظة وقفت أمامك
صمت رهيب يحيط بك
رغم جنون من حولك
رغم صراخهم وفوضاهم
بقيت أنت محافظا على هيبة حضورك
خطواتي بالكاد أوصلتني لسريرك
كان قلبي ينتفض ألما
وجسدي ينتفض محموما
وروحي تنساب مني
تغادرني
في حياتي ما أحببت شيئا كالخط المستقيم
واليوم ألعن كل الخطوط المستقيمة
لأنها أعلنت أنك رحلت
كيف لجهاز من حديد أن يعلن وفاتك
كيف له أن لا يشعر بنبضات روحك الطاهرة
هل يخطئ الأطباء
هل تخطيء التكنولوجيا
أم أخطأت أنا
تسارعت الخطوات العشوائية في المكان
وتداخلت المفردات فما أدركت منها جملة تفيدني
للحظات ما أعدت أشعر بشيء حولي
ما عدت أدرك وجود شخص آخر في الغرفة
لا أحد هنا سوانا أنا و أنت
مددت يدي أمسح بها على شعرك
أيها الملاك النائم أما آن الأوان لتستيقظ
هل وجدت في النوم راحة لا نعرفها
أتُغريك جنية النوم فلا تقوى على تركها
وراحت يدي ترسم ملامح وجهك الجميل
ووجدتني أقبلك على جبينك
على خديك
أقبل كل تفاصيلك العذبة
فلن أستطيع بعد اليوم تقبيلك
وغافلتني دمعة سقطت مني على خدك
أعذرني ما قصدت إزعاجك
لكن غيابك لا أفهمه
لا أستطيع تقبل فكرة أنك ستكون بعد لحظات في أحضان
أرض باردة وعتمة موحشة
وفي غمرة توهاني بك
جاءت يد تبعدني عنك
وتسارعت الأيدي تتلمسك
و أصبح جسدك أرضا مباحة للجميع
وبدئوا ينزعون عنك تلك الأسلاك التي غرست في مسامك
حركات أناملهم توحي بالاحترافية
ترى كم من مرة يمارسون ذات الطقوس يوميا؟!!
ملامحهم باردة
تعابيرهم ميتة
يبدو أنهم تحجروا من كثرة الجثث التي لمسوها
وسرت بعيدا عنك
لكن خطواتي هذه المرة سريعة جدا
فموتك أصبح واقعا لا ريب فيه
ورحيلك حقيقة ساطعة
طرقات المستشفى تعبق بالأدوية
تخنقني
و الأبيض الذي يسكن كل زواياها
يقتلني
هربت للخارج
أبحث عن هواء لا يحتوي الموت
عن لون لا يقتل البياض روحه
ووجدتني أقف أمام سيارتك
لحظتها تجمدت أوصالي
وأصبح الموت يسكنني أنا
من سيقودها بعدك؟؟!!
جلست على الأرض أمامها
أنظر لكل ما يخصك فيها
فرأيتك تجلس خلف المقود
رأيتك تبتسم لي
فضحكت
وبكيت
وبكت حينها السماء
كانت قطرات المطر تنزل على سيارتك تغسلها
للحظة خُيل إلي أن سيارتك تبكي!!
ربما تبكي فهي أيضا ستفتقدك
كلنا سنفتقدك
بيتك
أولادك
أصدقاءك
الأرض ستشتاق خطواتك
الهواء سيشتاق عطرك
ملابسك ستشتاق جسدك
و أنا سأشتاقني بعدك
وزاد بكائي
وفاضت أدمع السماء
لتغسل كل شيء
لتنقي كل شيء
إلا روحي التي زادها رحيلك تشوها
عجبت لدنيا تأبى إلا أن تؤلمني
وعجبت لرحيل يصر على الإقامة في روحي
كلما رفعت رأسي لأنهض من وجع رحيل حبيب
تهوي يد الفراق لتقذفني في أعماق الحزن
أتُراني خلقت لأتعذب بغيابهم؟؟
أم تراني رهنت روحي للرحيل قربانا؟؟
يا موتا حرمني منه كن به رءوفا
يا قبرا سيحتويه بعد أحضاني كن عليه حنونا
ويا زمن سيعذبني لغيابه كفاك بي تعذيبا
هبني فرصة كي أفيق من ألم رحيلهم
الآن أجلس هنا أمام هذه الشاشة
كعادتي أسرع لأخط كلماتي على أوراق تبكي مني
أتعرف ما أستغربه كثيرا
أن الأوراق أيضا بيضاء
و ما زاد تعجبي أن
اليوم هو ثاني يوم لي في سنتي الجديدة
ما أقسى لعبة الحياة
أتراك رحلت في هذا التوقيت حتى يبقى رحيلك مرتبطا بذكرى ميلادي!!
أم أن القدر أراد أن يسلبني الذكرى الوحيدة التي لا تحتوي رحيل أحدهم
لا تخف يا قدري فمن اليوم ما عاد تاريخ ميلادي سوى ذكرى رحيل
ناديا 4 فبراير 2010م
الخميس 03:51 مساء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق