الجمعة، أكتوبر 14، 2011

الغائب الحاضر



يسألوني كثيرا لمن تكتبين؟؟
فأجيبهم:- أكتب له ذاك الذي استوطنني ورحل
فيتعجبون ويقولون
لكنكِ تحبين فلان؟؟!!
لكنكِ تعرفين فلان؟؟!!
لكنكِ تزوجتِ فلان؟؟!!!
وغيرها من العبارات التي تؤكد رفضهم لأن أكون على الورق إمرأة على النقيض التام من تلك التي على أرض الواقع
لست ألوم حيرتهم ولا يغضبني استنكارهم لتصرفي اللا منطقي وفق عقليتهم البشرية
لكن ومن  باب العلم بالشيء فقط لا الدفاع عن تهمة أرفض الاعتراف بأنني متهمة بها أصلا أقول لهم جميعهم أولئك الحائرون في تفسير كينونتي البسيطة

يا أنتم
في الحياة رجال  نضطر لأن  ندعي حبهم لنتحدى بهم ضعفنا
ورجال لنحتمي بهم من غدر الزمن
ورجال لأننا نحتاج وجودهم
ورجال لأنهم جزء منا
ورجال لنهزم بهم العمر
ورجال لنتقي بهم أشباح الوحدة
ورجال لأنهم رصيدنا  للزمن القادم
ورجال ورجال ورجال
كلها مجرد أوهام حب
أو حب لا وجود له
وبمعنى أدق تمثيل حب لا أكثر ولا أقل
لكن
هناك رجل فقط نحبه لأجل الحب وحده
نحبه لأجل الذكرى
لأجل أن نستعين ببقايا عطره الراسخ على جدران الروح كي يقينا عذابات الأيام
نحبه بمشاعرنا البكر الطاهرة
نحبه ببراءة الطفولة وعبثية المراهقة وعقلانية الرشد وضعف الشيخوخة وقلقها
نحبه حد الكفر بالتوبة منه
حد الالحاد بسواه
حد اليقين بأن لا رجل سيطرز الروح بعده
نحبه بعنف وقسوة
نغرق فيه
نتشبع منه وبه حتى نصبح متخمين به حد الانفجار
نحبه بكل ذرة منا
بكل قطرة دم
بكل نبضة قلب
بكل رعشة وريد
حتى نغدو موشومين به وشم لا يزول ولا يفنى
نحبه بلهفة
بشوق
بعطش
بجوع
فنملأ به كل حواسنا
ونملأ به ذاكرتنا
حتى تصبح كل زوايا و ممرات الذاكرة مزدحمة به
نحبه بيقين الخلود
ويقين الفناء
بيقين الحياة
ويقين الموت
فحين يكون حاضر نعلم أننا على فراق
وحين يمتطي الغياب نعلم أننا على وعد باللقاء
ونبقى  للانتظار أوفياء
ننهل من مخزون الذاكرة ما يقينا الموت يئسا
نقتات بذكراه لنصمد في وجه رياح الحنين الموجعة حين تعصف بنا
وبينما نحن رهن انتظار لن ينتهي يوما
نغير كل حين محطات انتظارنا
نبدل كل موسم معاطفنا
ونجدد  تذاكر رحلتنا
إنما برغم كل المتغيرات يبقى الثابت الأبدي هو فقط
من نرهن العمر لعينيه
ونتنازل عن الأمس والغد لأجله
نعم كثيرون هم من يعبروا حياتي  رغما عني
لكنهم أبدا لم   و لن يعلقوا بها
هم حولي وهو داخلي
هم فقط مجرد سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع لحظة تبدد حقيقته وهم وجودهم
نعم هو رجل لا يزال قيد الغياب
لكنه رجل بغيابه ألغى حضورهم
يا أنتم
نعم أحببته بدمي لأنه من دمي
عشقته بروحي لأنه روحي
وسأبقى أنتظره
أكتب عنه
وله
حتى يعود
وإن قدر الاله أن لا يعود
يكفيني فخرا أني كنت إمرأة تحيا على ذكرى رجل أبدا لن يتكرر
يا أنتم
واقعي وأحلامي
حقيقتي و خيالي
أمسي ويومي وغدي
هو ذاك  الغائب الحاضر
فعذرا لأني لا أملكني يا سادة

ناديا
14 أكتوبر 2011م
الجمعة 12:42 صباحا

الأربعاء، أكتوبر 12، 2011

رسالة لن تقرأها؟!!!



لماذا أنت مرهق إلى هذا الحد؟؟؟
أسائل نفسي كثيرا
أما زال  صوته  دافئ كما عرفته ذات ابريل؟؟؟
أتراه يذكرني؟؟
أم أن مروري به كان عابر كغيري؟؟
لست ألومك سيدي إن أسقطتني ذاكرتك من محتواها
فكل ما يولد في ابريل سيدي يموت
ولكن أخبرني لما تعجز ذاكرتي عن اسقاطك؟؟
لما تزدحم بك ؟؟
لما أنت حاضر برغم الغياب؟؟
لما باتت حكر عليك؟؟

سيدي
أخبرني
ما بال الأيام بعدك مؤلمة جدا؟
والأحداث في غيابك سخيفة جدا؟؟
والكون مظلم؟
والبشر أطياف غير مرئية؟؟
ولما أنفاسي تنهكني حد الموت؟؟
وكيف أحتضر من حين رحيلك وحتى الآن لم أمت؟؟!!!


سيدي
أريد الهرب منك
رغم يقيني أن جميع طرق الهرب ستفضي إليك
وكل محاولات الهرب ستنتحر بين يديك
أريد الهرب منك
ولست أدري لما أجازف  بمحاولات ماتت قبل أن تولد
ولا ما الذي دفعني لمجرد التفكير بمجازفة بهذه الخطورة
هي خطرة بقدر ما هي غبية سيدي
اليوم مضى شهر من حين غادرتني إلى غياب لا أعرف سبب  له
ثلاثون يوما لم  أفعل خلالها  شيء سوى التوغل حد الاختناق ببدائية وجودي
سيدي
عدت لعصور ما قبل التاريخ
لعصر ما قبل البشر
تعطل كل شيء داخلي ما عدا غريزة الجوع
الجوع للطعام وللنوم وللحزن
ثلاثون يوما  تناولت فيها من الطعام كمية ما عبرت شفتي خلال اثنان وثلاثون سنة
ونمت فيها نوم لم يداعب جفني منذ اقتحمت جيوش الضياع روحي المسالمة
وحزنت فيها حزن لو وزع على بقاع الأرض لضاقت به وعجزت عن استيعابه..
سيدي
تشبعت بالطعام
تشبعت بالنوم
تشبعت بالحزن
اصبت بالتخمة حد الانفجار
لكنني لا أزال جائعة جدا!!!!


سيدي
أتعلم أن كل من يولد في الشتاء يكون مبدعا بشكل ما؟؟
كاتب
روائي
شاعر
فنان
أي إبداع لا يهم ولكن كلهم مواليد الشتاء مبدعون
يقولون أن من يولد في الشتاء تخطفه جنيةٌ ملعونة..
كانت تأخذهم وتذهب بهم إلى آلهة الحزن ليتم تعميدهم في ماء اليأس والشقاء الأبدي..
هناك تزرع بين حنايا ضلوعهم جمرات ملتهبة ..يغرسها إله الحزن في أعماق قلوبهم...
ويمسح بيديه الملعونة على أعينهم لتظل تذرف الدمع أبد الدهر
وتعيدهم الجنية حيث كانوا...
ويبدئون الحياة بعد أن يكون إله الحزن قد قرأ عليهم طلاسم المعاناة ...
كلما نبضت قلوبهم ازداد سعير النار المختبئة فيها.. تزيد حرائقهم فتفيض أعينهم ....
ولأن مواليد الشتاء قد حلت عليهم لعنة إله الحزن لذا جميعهم مبدعون.. ألا يولد الإبداع من رحم المعاناة؟؟؟؟
أنا ولدت في ذاك الفصل الكئيب...
وها هو  الشتاء يوشك على الوقوع
فكيف أواجه الشتاء  وحدي؟؟
ألا  يكفي أن الشتاء يسكنني حتى تتركني لشتاء يحيطني؟؟


سيدي
من حين رحلت وأنا أجلس هنا حيث تركتني
على مقعد حزن مكسور
أسنده ببقايا أمل  يتسرب مني
لماذا حين رحلت تركت لي كل شيء؟؟؟
صوتك النابض حنانا ودفئ؟؟
عطرك الغافي بهدوء على جدران الذكرى؟؟
بصماتك الرقيقة ؟؟
همس ضحكتك؟؟
لماذا حين رحلت تركت لي  كل هذه العذابات؟؟؟


سيدي
حتى متى تبقيني قيد انتظارك؟؟
حتى متى تظل قيد الغياب؟؟
وإلى متى سيطول احتضاري؟؟

سيدي
ضع للغياب حد
ضع للانتظار حد
قبل أن يضع  وجعي للاحتضار بك حد

ناديا
12 أكتوبر 2011م
الأربعاء 03:44 صباحا