السبت، أكتوبر 12، 2019

أستاذي الحبيب


هدوء
مطلب لكثير من الناس
وربما يكون أقصى أمانيهم هو الحصول على القليل منه
أنا أيضا كنت مثلهم
أستجدي الهدوء في ضجيج الحياة
اليوم لا أملك سواه
هدوء تام
محكم
منذ وقت أعيشه رغما عني
لكن هذه الليلة الهدوء يخنقني
يخنقني فعليا
ليس بالمعنى المجازي
ثلاثة أيام لم أغادر هذه الجدران
لم أتمكن من السفر إلى صغيري
بقيت هنا
هنا حيث لا شيء سوى هذا الهدوء
ألتمس طيلة اليوم صوت أطفال في الشارع
مشاجرة عائلية في إحدى الشقق
مناقشات لا يهمني فحواها بقدر ما يهمني تصارع الأصوات الصارخة بها
لكن عبثا كل ذلك
لا شيء هنا
ربما تمر كل ساعتين أو أكثر سيارة مسرعة يصلني بقايا نواح عجلاتها على شارع تطل عليه نافذة غرفة النوم
النافذة التي لم أفتحها حتى الآن كونها بلا حماية
تبا للحمايات
مما أحتمي؟
في هذه الشقة يوجد بلكونة صغيرة جدا
لكن سورها الحديدي حولها إلى صندوق معدني بالكاد نجت منه قطعة من السماء
قطعة صغيرة نجت من الحصار
قبل قليل حينما اشتد اختناقي حملت قهوتي وسجائري إلى هناك
لكن هناك الاختناق أكثر
لا يوجد هنا هواء
صدقا هذه الليلة تخنقني
حتى والدتي التي كنت أهاتفها يوميا ليست هنا
صحيح أني لا أطيل الحديث معها خشية أن تفضح حزني لكن على الأقل كنت أغتال معها القليل من الوقت
والدتي سافرت إلى الأردن لتودع جدتي الطيبة
جدتي التي دخلت منذ  أسبوع في غيبوبة نهائية
لم أفكر بالذهاب إلى هناك
لا يمكنني رؤيتها بهذا الشكل
بلا حياة
رأيت صورتها حين أرسلتها خالتي
كانت ممددة على سرير أبيض
ترتدي ثياب زرقاء
وعجبت كثيرا
أهي صدفة؟ أم ترتيب قدر؟
هي كخالي يوم رحل
كان يرتدي الأزرق على سرير أبيض
وتساءلت
هل تعلم جدتي أن تعويذتها ليست معها؟
هل تعلم أن قميص خالي الذي احتفظت به لأكثر من ثلاثين سنة تحت مخدتها ليس اليوم تحت هذه المخدة؟
في الصورة كانت مقيدة بكثير من الأسلاك التي تتصل بأجهزة الحياة
هامدة
كل ما فيها ساكن
لكن عينيها مفتوحة
وربما تهيأ لي ذلك
لو حقا هي ترى فماذا ترى؟
يقولون أنها لا تستيقظ أبدا غير أن شفتيها تتحركان بعض الوقت ولا يفهمون
ترى ماذا تريدين يا جدتي؟
سامحيني جدتي و أنت يا أمي سامحيني فأنا أضعف من أن أكون هناك
ليتني فقط أتخلص من هذا الاختناق قليلا
ليتني أغادر هذا الحزن يوما
لما لا يكون لهذا الوجع نهاية؟؟؟
المشكلة أن لا صديقات لي
دوما كنت لا أجيد العلاقات الاجتماعية
الليلة أتمنى لو أني كالكثيرين حولي
يومي مزدحم بتفاصيل مزعجة وأحاديث أغلبها سطحي جدا لكنه قادر على قتل كل حزن قد يحاول التسلل لعالمي
بالأمس قبل أن أنام بعد ساعات من المحاولة
كنت أقرأ بعض رسائلك إلي
((هل ينقصك شيء؟؟ هل تعانين من شيء؟؟))
ينقصني أنت
ينقصني الاطمئنان عليك والتحدث معك
أعاني غيابك منذ سنوات
منذ رحيلك و أنا أتخبط بعشوائية تزيد ضياعي كل لحظة
منذ رحيلك رهنت روحي لانتظارك و أعلم أني لن أخسر الرهان
قلت لي يوما
((مدونتك لم تغادرني للحظة))
لذا ما زلت أكتب هنا
لأني أعلم أنك لن تغيب عنها حتى و إن تغيبت عني
لولا يقيني التام أنك هنا ما كتبت
لم يعد هناك وسيلة للتواصل معك سوى هنا من خلال هذه المدونة
أكتب هنا لك
لأنك يوما قلت لي ((لا تغيبي فلك في صدري مكانة عزيزة جدا جدا))
لذا لم أغب عن هذه المدونة كي لا أغيب عنك
كلما مررت من هنا لأترك لك بعض الكلمات أعود بعدها كل يوم أبحث عنك
أعود كل يوم و أنا أنتظر عبارتك التي ترددها كلما نجحت في استفزاز غيابي((استطعت أن أخرجك من وكرك أيتها القطة))
يوما سأجدها
لأنك هنا حتى لو طال غيابك
كن بخير
فأنا لست بخير
ناديا 
12 اكتوبر 2019
7:00 م 

  



الثلاثاء، أكتوبر 08، 2019

مزيد من الإحباط


محبطة جدا هذه الأيام
أكاد أجن
ما يزيد احباطي ويثير جنوني هو كل هذا الكم من الزيف الذي أعيش فيه
مزيف كل شيء حولي وبي ومني
مزيفة تلك الابتسامة التي أرتديها كل صباح
مزيف ذاك التفاؤل الذي أنثره حيثما حللت
مزيفة كلمة أنا بخير التي ألقيها في سمع كل من يسألني كيف أنت؟
لست بخير أنا
أنا لست بخير
حزينة
كئيبة
يائسة
لا شيء يعجبني في هذه الحياة التي أحياها
سأنفجر قريبا
أعلم هذا
لما لا أفعلها الآن؟؟؟؟
لما لا أنفجر بكل ما بي لأرتاح
تعبت
أحاول بكل قواي أن أفهم ما بي؟
لما أغرق كل لحظة أكثر في هذا الظلام؟؟؟
هل لأني بعيدة عن ابني؟
هل لأني أخفي كل هذا الوجع المتمكن مني عن زوجي؟
هل أشتاق لأمي؟
لإخوتي؟
أهو هذا المكان الصامت حد الموت؟
أهي القيود التي تلجمني كلما أوشكت على الصراخ أنقذوني؟؟
من سينقذني؟
ومن ماذا ؟
أنا أختنق
و أعلم أني غدا صباحا سأبتسم في كل وجه يصطدم بي
و أعلم أني سأملأ الوجود بضحكتي وكلمات الفرح والطمأنينة
أنا أموت
لما لا يسألني أحد كيف أنت بصدق؟
الكل يسأل بروتينية مقرفة
سؤال معتاد نتقاذفه كلما التقينا
سؤال نعرف جوابه المجامل والمختصر مسبقا
لما نسأل إن كنا لا نعني السؤال؟؟
تبا لكل من يسألني كيف أنت فقط ليسمع ما يتوقعه
لا أحد يتسع عالمه لسماع تفاصيلي الغبية
تفاهاتي
أريد أن أجيب على السؤال لمرة واحدة إجابة حقيقية
أنا لست بخير
أريد أن أبكي وأبكي أمام من أعلم أنه سيقرأ أدمعي دون تعليق
دون نقد
فقط يسمعني
أنا لست بخير
وهذه الأيام تمر ثقيلة على روحي
وحيدة جدا في زحام لا نهاية له
لا مكان لي رغم فيض الأماكن حولي
ساااااااااااااااااااااااااااااااعدني
ناديا
8 اكتوبر 2019 
8:47م