الخميس، مارس 10، 2011

العد التنازلي نحو السقوط الأبـــــدي


يوم ليس بالغريب عليها...وأحزان ليست بالجديدة بالنسبة لها...
الغريب أن التهاني تتوالى إليها منذ ساعات الصباح ؟؟!!
أتراهم أصبحوا يباركون الموت ؟؟
كانوا قديما يعزون فيه ...
يبدو أن موجة التطور أخذت كل شيء في طريقها....

جلست على حافة الهاوية...لم تفلح أدوات الزينة ببريق وتوهج ألوانها في إخفاء شحوب الموت الصارخ على معالم وجهها الحزيــــــــن....
ورغم أن نظارتها السوداء تحجب أكبر مساحة من وجهها إلا أن حجم النار المشتعلة في روحها أكبر من حجم نظارتها....
عيناها القابعتان خلف ستار أسود تستعر قهرا....
للحظات تهيأ لها أن عدسات النظارة تطايرت لتجتز رؤوسهم جميعا...
أولئك الذين خذلوا ضعفها وقت لجأت تستغيث بقوتهم ....

نظرت إليهم...ابتسمت ...كيف يكون تشوههم بهذا الحجم مع أنها تراهم بعين واحدة؟؟!!
آه عيني الحبيبة ليتني فقدت نوركما معا...
وبهدوء تام انسلخت من محيطها...غادرتهم روحها إليه...ذاك الذي وضع في يدها كل خيوط الأمل...
كان وجوده عزائها الوحيد في كل خسائرها القاتلة....
به عوضها القدر عن معاناة السنوات الماضية...
رأت فيه أحلام عمرها المؤجلة....
أتراه علم بما سيكون؟؟؟؟

مرارة السؤال جعلتها تعود مرغمة إلى أرض الواقع...
واقعها الكريه المسموم بهم....

وحدها والدتها الجالسة على مقعد ضيف الشرف تدرك وجعها...
لكنها لا تختلف عنها...كلتاهما مقيدة بأغلال من ظلم لا يُقهر...
تجولت بنظرها في وجوههم...
كل قطرة من دمائها تلعنهم...
كل مسامة في جسدها تكرههم....
أسقطت رأسها على صدرها وتنهدت بعمق....
ليت البكاء ممكن...ليت الصراخ ممكن...
في قمة أحزانها ممنوعةٌ من البكاء؟؟!!!
في قمة قهرها ممنوعةٌ من الصراخ؟؟!!!


بخطواتٍ ترتعش سارت إلى قبرها....
يا لكرمهم سمحوا لها أن تلقي نظرة على مدفنها؟!!!
ها هي الجدران من جديد....
لكنها هذه المرة جدران أبدية....
أرهقتها أصواتهم المقيتة...
وملأها الاشمئزاز من نقاشاتهم الغبية حول لون الجدران وشكل الديكورات وإطارات النوافذ وحجم المكان....
تبا لكم أي فرق سيكون بين قبر من ذهب وقبر من تراب؟؟؟
هربت منهم...عادت إلى غرفتها ...
غرفتها التي كانت أولى الخطوات نحو طريق لا عودة منه....
أي لعنة أتت بي إلى هنا؟؟
أي سوء حظ أدخلني هذه المدينة؟؟؟

غضبوا لتصرفها المحرج أمام العريس الموعود!!!
ولأنها متعبة حد الهلاك لم تجاري غضبهم....
كان الهدوء المخيم على معالمها بقدر البركان المتقد داخلها....
أولم تقرروا كل شيء؟؟
فما أهمية وجودي من عدمه اليوم؟؟؟
المهم أن لا أغيب يوم وفاتي؟!!!

ورحلوا بعدما وضعوا بأيديهم القذرة حجر الأساس لعذابات عمرها القادم...
وفي مثل هذا اليوم سيعودون ليقصوا الشريط المشبع بدمها...
ليفتتحوا مأساتها الجديدة....
وليضمنوا أن جثتها لن تجهل قبرها الجديد....

وقفت تتأمل كل شيء حولها...
قفزت إليها صورة بيتها الحبيب...
ووجه قطتها المدللة...
لن تطأ قدميها أعتاب بيتها يوما...
لن تداعب يديها قطتها الغالية يوما....
لن تعرف بعد اليوم أي إمرأة ماتت فيها....
أتراها المرأة التي عشقت راهب الصمت؟؟؟
أم المرأة التي كرهت لعنة الصمت؟؟؟
كلتاهما ماتت في داخلها....
كلتاهما اغتيلت في داخلها....
فعاشقة راهب الصمت ستخونه رغما عنها....
وكارهة الصمت ستتبعه رغما عنها....

وها أنت تعود من جديد....
ويعود ذات السؤال المرير ...
أتراه علم بما سيكون؟؟؟؟

وككل مرة يفيض حزنها ...وتنتفض روحها ألما...
وحده ملجأها ...وحده مرفأ روحها....
طوق النجـــــــــــاة....
تسارعت أناملها تخط له عباراتها...
كانت قبل اليوم تُحمل كل حرف منها له قبلات شوق ولهفة....
تُعطر كل كلمة بلهيب أنفاسها المرهونة به...
اليوم أحرفها تبكي نيابة عن عينيها الحزينة...
وكلماتها تختنق لفراقه الذي سيكون...
وتحتضن رسالتها إليه...وتستحلفها أن بلغيه شقائي...
أخبريه أني راحلة ...
قولي له والله ما خنته...والله ما خنته...
لكن خانني حظي معه...
وتطبع قبلة وداع على ظرف الرسالة وتلقي بها ...
في داخلها نبض ضعيف لأمل يحتضر...
أتراه ينقذني؟؟؟
أم سيخذلني كما فعلوا؟؟؟

وتقبع على جمر الانتظار بصمت تحاول تعوده...
فهو سيكون رفيق الدرب القادم....
سيكون وشاح يقيها صقيع واقعها ....

وبيقين من أوشك على الهلاك تردد بهمس
((يا نار كوني بردا وسلاما))


وتمضي الدقائق ثقيلة ...
تتقاتل عقارب الساعة ...
حتى الوقت تحالف مع المأساة ضدي؟!!
ولأن الانتظار عقوبة لا تطاق...
بدأ تحرش الأشياء بها يستفزها...
فتلك رسائلك الحبيبة...
وتلك باقة ورودك الغالية...
وذاك فنجان القهوة الذي يحملك كل صباح إليها....

وبين كل أشيائك الحبيبة
يغفو كتاب شهر زادك...
آه كم عانت الغيرة من عشقك لها...
أسرعت إليه تقلب صفحاته...
هي تشبهها ...
عاشت مأساتها يوما...
ستجد في قصائدها ما يعزيها....
ستجد في خواطرها إمرأة تشبهها....
وتتوالى الصفحات بين يديها المهزوزة....
لتقف عند قصيدة كم دعت الله أن لا تعايشها يوما
لكن ما خشيته طيلة الوقت أصبح قدرها ....
وبصوت يرتعد خوفا قرأت لتلك الشهر زاد ...

((هناك أناس تأتي بهم صدف الحياة إلينا..فنشعر بأنهم خاتمة كل الأشياء الجميلة بنا..وبأن بعدهم ..لا جديد


(1)
تك
تك
تك
هل تسمع هذه الطرقات كما اسمعها الآن؟
إنها صوت الفراق على باب حكايتنا
انتهت الحكاية
وما زال صوت الطرقات يملأ أُذني


(2)
تك
تك
تك
هل تسمع؟
لماذا لا يسمع الصوت سواي
فأجري بوهم اللهفة ولهفة الوهم
أفتح الباب
فلا أحد بالباب سوى الفراغ
يا الله..لو تدرك مساحة الفراغ الممتد خلفك


(3)
وترحل
وتبقى الأشياء خلفك في حالة ذهول وذبول
كم هي مُرة الأشياء خلفك
وكم بطيئة هي اللحظات
فالآن أصبح الفراق واقعا مجسدا
فمن يبيعني طاقة
أواجه بها ما لا طاقة لي عليه؟


(4)
وترحل
فيتعلق العمر بطرف ثوبك
و يختبئ الفرح في جيبك
ويستقر الأمل تحت رداءك
فتغادرني معهم
وأبقى وحدي
حيث لا شي معي ...سواي


(5)
أنظر
ها أنا أقف بشموخي المعتق
فمازلت استطيع الوقوف
والحركة حول بقاياك
والسير في اتجاه النسيان
والنوم تحت عجلات الألم
والجري إلى ابعد حدود الحزن


(6)
وانظر
ها أنا ابتسم
لستُ مرعوبة
فراقك لا يرعبني
فراقك لا يرعبني
فراقك لا يرعبني
سأكتبها في دفتري كل ليلة
قبل النوم
كي أنام بسلام


(7)
نعم
أريد أن أنام بسلام
بعيدا عن ضوضاء الحزن
وثرثرة العقل
وبكاء الحنين
أريد أن أنام بسلام
فمنذ أن أضعتك
أضعت السلام


(8)
أحببتك جدا
لدرجة إني حين رأيتك ترحل إمامي
أغمضت عيني بعمق
كنت أحاول إقناع نفسي
بأني أغط في سبات عميق
واني في الغد سأفتح عيني نحوك
كي أخبرك أني ليلة البارحة
حلمت بك حلما مرعبا
ورأيتك في منامي تفارقني


(9)
أحببتك جدا
لدرجة أني بكيت خلفك
كنت أظن أن دموعي ستجرفك نحوي
كنت واهمة
وأدركت بعد ليال من البكاء المر
أن من ترحل به رياح الواقع
لا تعود به بحور الحنين أبدا


(10)
لحظة من فضلك
قبل أن تغيبك سحب الفراق هل تأذن لي؟
أريد أن احتفظ بهذا الجزء من حكايتنا
فهذا الجزء فيه طفلي وطفلتي وأشياء أخرى
رسمنا ملامحها ذات حب جميل
(11)
غدا يا سيدي
وآه من الغد
حين أعود إلى فراشي
واضع راسي فوق وسادتي
وانظر إلى الهاتف الذي كان يهديني صوتك
في كل مساء
ويهديني مع صوتك إحساسا بنكهة الفرح
واسمع في الدجى حنيني يبكيك
فماذا أقول له؟؟
فماذا أقول له؟؟


(12)
سيدي
الآن أنا لا أقف في مرحلة الحزن
تجاوزت الحزن بمراحل
فبعد الحزن يا سيدي
هناك مراحل بطيئة ثقيلة
مراحل لا تُكتب..ولا تُقرأ ..ولا توصف
ولا طاقة لنا على احتمالها


(13)
ففي هذا المساء سيدي
سأنام وتحت وسادتي وصيتي
أوصيت لك بقلبي
بكل أحلامه وأمنياته وأحاسيسه
ضعه في زجاجة صغيرة
وضع الزجاجة قرب سريرك
وكلما نظرت إليها
تذكر إمرأة أحبتك بهذا القلب يوما


(14)
تك
تك
تك
ها قد عاد الصوت ذاته
هل تسمعه؟
تُرى؟
متى سيختفي كي أظهر؟
ومتى سيموت كي أعيش؟))

سقط الكتاب من يديها ...
وسقطت هي تنتحب ...
ما عادت نصائح الطبيب لها تهمها ..
وما عادت خسارة عينيها تعني لها شيء....
فما عادت مقاومة البكاء تجدي...
لا بد أن تبكي...وتبكي...
تبكيك وتبكيك بعدد نبضات قلبها المتيم بك....
أيقتلك بكائي؟؟؟أيقتلني؟؟؟
تبا لذاك الطبيب الذي حظر البكاء عليها...
كان أجدر به أن يحظر الحزن المستفز لأدمعها...
كيف لا أبكيك وأنت أعظم خسائري؟؟!!!
إن لم تشيع فراقك أدمعي فلمن أحتفظ بها بعدك؟؟؟
آه يا أنت...بالأمس قلت لك

((لو وضعوني أمام خيارين إما خسارة نور عينيّ
وإما خسارتك أنت أتعتقد أنني كنت سأفكر ولو للحظة أي الخسارتين أختار؟؟؟))

ما ظننت أنني سأواجه هذا الاختيار بهذه السرعة...
سأخسركما معا يا أحب الناس...
فما حاجتي بعينين لا تراك؟؟؟؟
وما حاجتي بي بعدك؟؟؟

ويجيء صوت الأذان ...
وتغمر الراحة قلبها المنهك....
تمسح دموعها وذات الرعشة في يديها....
ترفع عينيها للسماء...
((يا رب هبني القوة لأحتمل ما سيكون
يا رب هبني القدرة على الصمت))
كم وقفت بين يدي الله ترجوه أن يرحمها من صمته الذي يقتلها...
لما تحول كل شيء لضده بهذا الحجم؟؟؟؟
وتصمت كل حواسها في حضرة المولى عز وجل...
وحده قلبها يلهث بالرجاء ....
وبعد هدوء سكنها لدقائق...
قررت الاستسلام لتحرش أشياءك الحبيبة بها....
لم تكن رجلا يقاوم....
ولم تكن إمرأة تهوى التحدي....
ولأنك رجلا تحترمه جدا فلا بد من احترام أشياءك الغالية....
فنجان القهوة هو أول المدعوين إلى حفل تأبين عشقك العظيم....
رسائلك المعطرة ببصماتك الحنونة....
باقة ورودك العبقة بأنفاسك الدافئة...
وهي المرأة التي عشقتك حتى آخر نبضات الحروف....
أنت وحدك الحاضر الغائب هنــــــــا....
أخذت ترتشف القهوة كما لو أنها ترتشفك...
خلعت نظارتها السوداء...
لا تريد أن يحرمها شيء من نور أحرفك المشع من رسائلك إليـــــــــها....
يوم فقدت نور عينها لم تحزن بقدر حزنها الآن...
فعين واحدة لا تعادلك ولا تكفيك....
وأحزان قلب واحد لا تليق بغيابك...
وعمر إمرأة واحدة لا يتسع لعذابات فراقك....
أحقا هو الفراق؟؟؟
وتنهمر دموع اليقين...
وتغرق كلماتك بك وأنا أنزفك....
وتعتصر يد الواقع قلبي فأوشك على الموت ...
لحظتها فقط نهضت من حزنها مفزوعة...
فكيف يموت قلبها وأنت تسكنه؟؟؟
أنت قلبها...
تنفض الحزن عنها...كي لا تختنق به يا أحب الناس...
ستحزن خارج حدود قلبها...
لتظل أنامل الحزن بعيدة عنك يا نبض القلب....
وتدندن شفتيها بلحن لقيثارة الملائكة فيروز ....

((بيقولوا الحب بيقتل الوقت
وبيقولوا الوقت بيقتل الحب
يا حبيبي تعا تانروح قبل الوقت وقبل الحب
بديت القصة تحت الشتي
بأول شتي حبوا بعضن
وخلصت القصة بتاني شتي
تحت الشتي تركوا بعضن
حبوا بعضن
تركوا بعضن
حبوا بعضن
تركوا بعضن))

لماذا فيروز الآن؟؟؟
لماذا سيرتبط صوتها بك؟؟
ولما تصر على تخليد ذكراك في كل ما يحيطني من أشياء؟؟؟
أما اكتفيت بــــــــي؟؟؟

وتعود لذاكرتها تلك البداية...
بداية عشقها لراهب الصمت...
فتتذكر مقولة سمعتها ذات زمن...
((كل ما يولد في ابريل يموت قبل أوانه))
لكن حبك ولد قبل ابريل...
ولد لحظة أبهر نور الدنيا عينيها....
ورغم أنها لم تصرخ ساعة ولدت ...
إلا أنك صرخت فيها أنتِ لي...
أنا قدركِ....
صرختك ألجمت صوتها فلم تصرخ...
وحبك أيضا لن يمــــــــوت....
فهو جاء خارج حدود المكان...
وأبعاد الزمان....
فكيف يكون لموته وجود؟؟؟
لن يموت...
مثله لا يـــــــــموت....

وتقبل رسائلك الغالية....
وترتشف آخر قطرات البن...
وتنهض مثقلة بوجعك....
تلقي بجسدها المحموم بك على سريرها...
تغمض عينيها وكل ذرة منها تتوسل الله أن يكون اليوم مجرد كابوس ...
غدا ستصحو منه....
لتجدك معها...
لتجد نفسها بك...
ستصحو منه مفزوعة...
وتتعوذ من فراقك ...
لتضحك من غباء كوابيسها...
وتسرع لك كما قالت شهر زادك الحبيبة...
تسرع لك لتروي تفاصيل كابوس عذبها بك...
فتضحك أنت بغرور رجل شرقي...
وتعلن هي ولائها التام ورضوخها اللا مشروط لشرقيتك...
فهي لن ترفض جبروت الرجال...
ولن تقاوم استعباد الشرقي لها...
ستفرح بأن تكون أول المنادين بعودة الجواري...
بعصر الحريم...
ستقبل كل ما يمكن...
وكل ما لا يمكن...
شرط أن تكون أنت سيدها...
أنت رجلها...
أنت شرقيّها المغرور...

وتغافلها دمعة ...
فهذا لن يكون...
وكابوسها لن ينتهي باستيقاظها غدا....
فغدا ستنهض من نومها ...
ستقطع ورقة من رزنامتها...
لتخسر فرصة من فرص نجاتها...
ولتبدأ العد التنازلي نحو السقوط الأبـــــــدي....

((إلى رجلا أغـــــــــلى منــــــــــي...كن بخيـــــــــر))

ناديا
10 مارس 2011م
الثامنة من مساء يوم
الخميس الأسود


((هل تعلم؟
قبلك كتبت عن الحب ولم أتذوقه
معك تذوقت الحب ولم اكتبه
بعدك
فقدت الاثنين...الحب والكتابة))
شهر زاد

الأربعاء، مارس 09، 2011

أعتقني





يا أنت ...
يا وجعي الأبـــــــــــدي....
بالأمس فقدت نور عيني ...
بالأمس غادر الظلام الذي يستوطنني جدران روحي ليخيم على عالمي بأكمله...
عندما كانت ليلة البارحة تلفظ آخر أنفاسها ...
كنت لا أزال أتقلب على جمر الانتظار...
وكان القلق والأرق لا يزالان يلازمان ساعاتي.....
أحداث الأمس أرهقتني وتسارع تطوراتها استنزفني لدرجة الهلاك....
لم تتوقف عيناي عن ذرف أدمع أحرقتني ....
ولأن روحي لم تعرف الاستقرار لم تهدأ ذرة مني ....
نهضت من على سريري مثقلة بهمومي ...
مددت يدي لأنير المصباح ...لكنه لم يضيء ؟!!
تلمست في عتمة المكان هاتفي فخذلني هو الآخر....
وبخطوات مهزوزة سرت أنشد مفتاح النور ...فلم يجب رجائي ....
تهيأ لي لحظتها أن الكهرباء مقطوعة...
أخبروني أن انقطاع الكهرباء في هذه المنطقة أمر يحصل باستمرار....
وبتخبط عشوائي أشعلت التدفئة لأتأكد أن الأمر لا يتجاوز انقطاع التيار الكهربائي....
فجاء الدفء المنبعث صفعة جمدت دمائي ....
الكهرباء ليست مقطوعة!!!
نور عيني هو المقطوع هنا.....
صرخت بعمق خوفي لحظتها....
فتحت باب غرفتي وجلست على أعتابه أبكي...
وبعد دقائق كنت بين أيديهم التي تلقفتني بحيرة وخوف ....
أتراني أصبحت عمياء؟؟؟؟
كانت يدي تتشبث بوالدي خشية أن أفقده....
هو الصوت الوحيد الذي أعرفه في هذا الظلام المرعب....
أتراني أصبحت عمياء؟؟؟؟
وجئت أنت...
ليستقر قلبي بين أضلعي...
وتتلاشى مخاوفي...
جئت أنت...
ليطرد طيفك غربان الرعب التي تنعق في أوردتي...
وجاء دفء صوتك يهديني السلام...
((لا تخافي أنا هنا..لا تخشي شيء وأنا معكِ))
هربت يدي من يدي أبي....لتغفو بأمان في حنان يدك....
غابت أصواتهم عني...
وحده همسك العذب يملأ سمعي ....
فقدت إحساسي بأيديهم المتلاحقة على جسدي....
وحدها يدك التي تحتضن يدي ما يملأ إحساسي....
عاد نور عيني بعدما خشيت أنني لن أراه ....
طيفك فقط أنقذني...
أما قلت لك يوما
((عندما تبدأ أنامل الحزن العبث في قلبي أستحضرك لأتقي وجعها؟؟؟
أنت تعويذة سعادة لي...
في كثير من الأحيان أجدني شاردة في عبارة قلتها أو أستذكر كلمة من كلامك وقتها تغمر السعادة قلبي وتحل الطمأنينة على روحي ومهما كان المحيط حولي بشع ومشوه تذكر شيء يخصك يبدل البشاعة جمالا والتشوه سحرا....))..

ولساعات بقيت أتنقل من غرفة لأخرى ...
جدران هذه المستشفى لم تكن بيضاء كما هي الحال في أغلب المستشفيات...

أشعة..فحص دم...تخطيط للقلب...
وبين هذه وتلك وذاك كنت أضحك...
وأنت تهمس لي((لما تضحكين؟؟))
قلت لك
((سيرونك يا من تسكنني...
سيعرفونك يا من أعشق...))
ولأنك تعرف أنهم سيجدونك في عقلي وقلبي ...
سيغمرهم عطرك الذي يفوح من خلاياي...
سيتعرفون على بصماتك في قطرات دمي...
ابتسمت لي...
وعدت تهمس((إذا سوف يعرفون لا محالة))....
وانتهت ليلة الظلام المرعب....
و بعد ساعات نوم إجباري أهدتني إياها حقنة تلك الممرضة الجميلة...
فتحت عيناي على باقة ورد تحمل عطرك...
ضممتها إلى صدري بشوقي لضمك أنت...
تنفست رائحتك الحبيبة بها....
تغلغلتَ إلى كل خلية مني....
ملأتني بك...
وعدت للنوم وباقتك الغالية بين أحضاني....
ستملأ أحلامي...كما ملأت واقعي....

يا أنت....
يا نبض أوردتي...
حتـــى متى ستظل طيفا يلازمني؟؟؟
حتــــى متى ستظل حلما يراودني؟؟؟؟
وحتـــى متى ستظل شوق يؤلمني؟؟؟


أتدري لم أخشى فقد بصري حبا في النور...
بل خشيت أن لا أراك ...



يا أنت....
يا من تتنفسك لغتي....
ذات يوم قلت لك...لا أريد أن أعرفك...
لا أريدك أن تكشف لي ما أجهله....

((روحك هي ما أعرفها بل أني أتنفسها ...
حقا أنا لا أعرفك ولكني أعرف الناس بك...
أجهل ملامحك غير أني أقدر الناس على وصفها بأدق تفاصيلها الحبيبة...
لم أشاهدك على أرض الواقع نعم لكن لو جاء يوما وجمعني بك اللقاء صدفة سأعرفك من بين كل البشر...
أخلاقك وحدي من تدرك عظمتها ...
نعم لا أعرفك شخصيا..وجها وجسدا وحضور ملموس...
ولا أريد أن أعرفك يوما هذه المعرفة ...
أريدك كما أنت فقط..روحا أخاطبها وتحتويني...
واقعا أعيشه ويفرض سيطرته في عالمي ...
رغم جهلي التام بكينونتك الظاهرية إلا أن لك حضورا في حياتي فاقت قوته قوة شخصي أنا في حياتي...
هل يحزنك لو علمت أنني في كل صلاة أدعو الله أن لا أعرفك يوما إلا كما أعيشك؟؟
أتوق لأحياك بطريقتي
أعشق ملامحك التي رسمتها لك...
أهيم بصوتك الذي تخيلته...
أحب تفاصيل يومك التي أتخيلك تمارسها ...
أتدري ما يعنيه لي وجودك كما أنت؟؟؟
يعني وجودي بكل ما أحياه...))

رجوتك كثيرا أن لا تغادر حدود خيالاتي وأحلامي...
توسلت إليك أن لا تنزل من سماء الكمال ...
خفت أن يقتلك تشوه الحقائق...
وتحرمني منك قسوة الواقع ....

يا أنت...
يا من يرعبني مجرد التفكير بغيابك...
أخبرتك كم أخشى فقدك...
فهل شعرت بخوفي؟؟؟
كم قلت لك
{{لست حمل وجع رحيلك
لا تنسى أبدا كلما راودتك فكرة الغياب أن تتذكر ما قلته لك يوم
((بحجم حضورك سيكون وجع غيابك..وتخيل ذاك الوجع الذي سيرقى لطغيان حضورك))..}}...

وكلما راودتني فكرة فقدك...
وكلما أرعبتني أوجاع غيابك...
تقفز أمام عيني قصيدة لشهر زادك الحبيبة
((أقتلني من فضلك))
أجدني دون وعي مني أردد كلماتها...
تؤلمني جمل هذه القصيدة ...
وتستوقفني أحرفها التي تصفك في عالمي
((أجلس فوق سجادة صلاتي
أرفع يدي للدعاء بنسيانك
أتراجع يرعبني نسيانك
فمن نفس هذا المكان
رفعت يدي ليال أدعو الله أن تكون لي ومعي
ومن نفس هذا المكان
دعوت الله أن تكون أسعد خلقه في كونه
ولم أستخره بك يوما
كنت أخشى أن تكون شرا
فيبعدك الله عنى !!!
فأنت لم تكن شيئا عاديا في حياتي
لم تكن إحساسا عابرا
لم تكن مرضا يمكن الشفاء منه
أنت كنت في عمري
شيئا يفوق ..عمري!!))....

أأخبرتك أنه كلما فاض بي شوقي إليك أسرع إليها؟؟
أبحث عنك بين أحرف قصائدها ...
يوما قلت لي
((أنتِ هي..شهر زاد))
عرفت الآن لما وجدتني صورة منها...
كلتانا أحبت بملأ وجودها رجل أهداها الغياب!!
أنا وهي نعاني ذاكرة تزدحم بتفاصيل لا ترحم...
تحتضر لغتنا إثر فجوة فقد تتسع كل نبضة شوق تنزفها أوردتنا....
كم أحببتُ هذه الشهر زاد...


يا أنت.....
أتدرك قسوة اللحظات بدونك؟؟؟
أتشعر بي وقت أغادرك؟؟؟
حاولت ذات يأس مني أن أصف لك وجعي حين تحملني خطوات البعد عنك....
قلت لك
((هل ودعت ذات يوم إنسان عزيز على قلبك؟؟

هل أحسست بقسوة الخطوة الأخيرة وهي توشك على انتزاعه منك؟؟

لحظتها تظل تثرثر بأي شيء وإن بدا مجوفا لا معنى له

تضحك

تبكي

تغني

تنوح

أي شيء

ستفعل أي شيء فقط لتؤخر تلك الخطوة

لكن الحقيقة المرة تنهكك

تجلس مثقلا بوجعك

يقين الرحيل يرغمك على الصمت فجأة

فكل محاولاتك عقيمة

ألم غريب يسري في جسدك دون سبب تعلمه

أوجاع شرسة تنهشك بلا رحمة

تختنق بغصة الحزن

وبرغم عذابات روحك الممزقة لا تقوى على منع الابتسامة

ابتسامة يأس تنهض من خلف أنقاض كيانك))....


يا أنت...
يا من يقهرني صمتك...
ويقتلني تجاهلـــــــــــك...
ماذا أقول لك وصمتك يغتال لغتي قبل أن تولــــــــــد؟؟
كيف أصل إليك وبيني وبينك حواجز لا تُخْتَرق ؟؟؟
كم كتبت لك ؟؟
كم صرخت بك أحتاجك فلا تتركني؟؟
كم بكيت بين يديك أحبك فلما ترفضني؟؟؟
لكن صوتي ما وصلك!!
عشقي ما أغراك!!!
أحرفي ما قويت استفزازك!!!

الآن أجلس وحدي لا شيء معي سواك...
وأمامي تقبع ورودك الغالية...
تهمس لي بشفقة
((لا تحزني ...
سيعرف يوما كم تعشقينه...
لا تيأسي...
سوف يشعر بنبضكِ...
سيصله نداءكِ))...

أتصدق نبوءتها يوما؟؟

وأعود للصمت الذي علمتني إياه...
وتعود أناملي تنزفني على أوراقي الحزينة...
أوراقي التي تغرقها أدمع شقائي بك...
وتكفن بين أسطرها بوحي الذي لا يجرؤ على الوقوف بأعتابك....

وتعود عيناي للتحديق بفنجان القهوة ...
لتداعب البسمة شفتاي وقت تستحضر ذاكرتي فنجان قهوتك المزخرف بتعاريج البن العشوائية المترامية على حوافه....

وبين همس ورودك الغالية...
وفنجان قهوتي الذي يستحضرك...
وأوراقي الغارقة بك....
تظل ذات الأسئلة تؤرقني
أتراك الآن تقرأ خربشتي؟؟؟
أتدرك أنها لك؟؟؟
أتعرف كم أعشقك؟؟؟


ستبقى باقة الورد التي حملتك إلي أغلى هدية في حياتي....
ويبقى فنجان قهوتي يستحضرك بقوة...
وتبقى أوراقي تفضح عشقي لك ...
وستبقى تساؤلاتي عالقة ...
وعمري بأكمله سيبقى قيد الانتظار...
رهن كلمة منك ترحمني....

((إلـــــــــى رجل هو أغلـــــــى مني..برغم كل شيء سأظل أحبك))

ناديا
8 مارس 2011م
الثلاثاء 11:48مساءً






الاثنين، مارس 07، 2011

آخــــــــــــر نبضات حروفي إلـــــــــــــــيكـ




في مدينة شوارعها لا تعرف النوم....وسياراتها لا تعرف الصمت...حتى ساعات الفجر....وبين جدرانٍ باردة ...ولونٌ أبيض مستفز...أجدني...
أي ريح عشوائية ألقت بي إلى هنا؟؟!!
أتعلم أن الجدران كلها تتحدث لغة واحدة؟؟؟
تبدأ حديثها همسا...
تتمتم عبارات يجهلها إدراكك...
وشيئا فشيء يخفت التشويش المحيط بتلك العبارات....
لتعثر الكلمات على تردداتها الصحيحة...
فتتجلى وقتها الأصوات....
تندفع بقوة ...
تزدحم بشراسة...
تعلو...وتعلو....
ينقلب الهمس صراخ...
تصطدم الصرخات...
تعود العبارات إليك بلا هوية....
ومن حيث لا تدري يتسلل الصمت إليك....
ليقيد حواسك بأكملها...
هناك ...في منزلي القابع على مسافة أربع مائة كيلو متر حسب خلفيتي الجغرافية يختلف الأمر...
نعم ذات الجدران تحيطني هناك....
وذات اللغة العشوائية تقهرني...
لكن هناك مصابي أخف...
فعندما تنفجر جدراني لتلفظ عشوائياتها...
تتلقى قطع الأثاث والتحف والنثريات جزء كبير من مخلفات الدمار الناتج عن اشتعال لغة تُصر على فقد هويتها....
فلا يكاد يصطدم بي منها سوى جزء لا يستحق المعاناة...
بينما هنا وحدي أنا المتلقي لهذا الكم المؤلم من العشوائيات المتناحرة...



.أمازلت تذكرنـــــي؟؟؟
أم لم يعد في ذاكرتك متسع لي؟؟؟
 ما أشقاني بك...
جئتك أبحث عني فـ تهت فيك؟؟!!!



*((إن الذي يضع الدنيا تحت قدميه
تضعه فوق رأسها !!
وكذلك ... يفعل الحب !!))...

عبارة أبديت يوما إعجابك بها!!!
حينها لم يشغلني سوى أنها كلماتٌ تعجبك...
كلمات لتلك التي تعشق أحرفها....
والتي عشقتها عشقا لك....
ورغم يقيني أن ما ننتقيه من كلمات هو ما نعنيه ضحكت!!؟؟...
وبكبرياء عاشقة شرقية تجاهلت ما خلف انتقاءك الجارح...
لأني أحبك كان لا بد لعقلي أن يصمت!!...


هل يجعل الحب منا أغبياء؟
هل تهون في سبيله كرامتنا؟
ربما
لماذا إذن كلما تجاهلوا تشبثنا بهم؟


ها أنت تبعثرني دوما حيث لا أجدني....
تحضر لتزلزلني بك....
تغيب لتخذلني أمامي...
وككل غياب تقهرني به...تُصر على تركي عالقة بين كم لا يرحم من أسئلة تتنازع وجداني ....


عاد فنجان القهوة السادة يسامر ليالي حيرتي وشقائي بك...
وعدت للحزن بعدما جعلتني أكفر به....
ما أغربك ...







كان اليوم كأيامي التي كدت أنسى مرارتها بك...
بدأ متأخرا كأفراح قلبي معك....
مضى وقت طويل منذ آخر نوبة إحباط غمرتني ....
تخيل أوشكت بسببك على نسيان أبجدية الحزن؟؟!!!
لما اليوم أتنفس الكآبة بهذا الشكل الخانق؟؟
ولما تصرخ عبارة شهر زادك تلك في دهاليز عقلي مع أنه مضى وقت على تصريحك بها؟؟!!!
فوران القهوة أنقذني من تساؤلات لا تهدأ...
مثلها دمي يفور ويغلي...
أخذتني تعاريج البن المترامية بفوضوية على حواف الفنجان إليك...
تذكرت فلسفة فنجان القهوة التي أتحفتني بها ذات لحظة بوح غادرتَ فيها صومعة صمتك الذي تستفزني به....
تعجبك كثيرا حواف فنجان القهوة المزخرفة بخطوط البن العشوائية...
أتراك ستحب بذات القدر دمي المنسكب على حواف الانتظار؟؟؟؟...


أتدري
كنت أعتقد أنك الضحية في قصة عشق بلا ملامح ورطتك بها
لكنني اكتشفت أنك أصعب من أن تكون ضحية بأي شكل كان!!!
ظننت أني أجرك معي إلى هاوية جنوني بك...
فوجدتك تقيدني بأغلال لا زلت أجهل كيف مَكَنْتَهَا مني؟؟!!!
كنت أشفق عليك من جنوني ...
فجعلتني أشفق عليَّ منك؟!!!

يا رجلا عشقته حتى كرهتني....
ما عاد صمتك وجعي...
ولا تجاهلك قضيتي...
لا تعتقد أن صمتك روضني...
أو تجاهلك خذلني....
فكل الحكاية يا سيدي أن مثلك لا حل له...
ومثلي لا شفاء لها...



إن هـــــــــربت منك....
سأهـــــــــرب إلـــــــيك....
فكل طريق يقودني إليك...
وكل هروب يحملني لك....
لذا سأتوغل فيك علني وقتها أنجو منك.....



هي محاولة قد تبدو يائسة كيأسي...
لكنها آخر المحاولات...
آخر التنازلات....
فما عاد في الوقت وقت....
ولا في القلب متسع لجرح جديد...
ولا في العمر مساحة لخذلان جديد....
ولم تعد ذاكرتي تحتمل ازدحامها بك...
يا سيدي ما أبقيت على أي أمل ينبض في أوردتي....
لذا حان وقت القرار...
اليوم لم يبقى للاختيار موضع....
فإما العشق أو اللا عشق....
إما نحن أو لا نحن....

يا من جمعت أشلاء روحي المبعثرة في دوامة الضياع.....
يا من انتشلتني من أعماق يأسي....
يا من أنقذتني مني...
لا تكسرني...
لا تخذلني...
لا تقتلني...

ناديا 6 مارس 2011م

* شهر زاد الخليج