الأربعاء، مارس 09، 2011

أعتقني





يا أنت ...
يا وجعي الأبـــــــــــدي....
بالأمس فقدت نور عيني ...
بالأمس غادر الظلام الذي يستوطنني جدران روحي ليخيم على عالمي بأكمله...
عندما كانت ليلة البارحة تلفظ آخر أنفاسها ...
كنت لا أزال أتقلب على جمر الانتظار...
وكان القلق والأرق لا يزالان يلازمان ساعاتي.....
أحداث الأمس أرهقتني وتسارع تطوراتها استنزفني لدرجة الهلاك....
لم تتوقف عيناي عن ذرف أدمع أحرقتني ....
ولأن روحي لم تعرف الاستقرار لم تهدأ ذرة مني ....
نهضت من على سريري مثقلة بهمومي ...
مددت يدي لأنير المصباح ...لكنه لم يضيء ؟!!
تلمست في عتمة المكان هاتفي فخذلني هو الآخر....
وبخطوات مهزوزة سرت أنشد مفتاح النور ...فلم يجب رجائي ....
تهيأ لي لحظتها أن الكهرباء مقطوعة...
أخبروني أن انقطاع الكهرباء في هذه المنطقة أمر يحصل باستمرار....
وبتخبط عشوائي أشعلت التدفئة لأتأكد أن الأمر لا يتجاوز انقطاع التيار الكهربائي....
فجاء الدفء المنبعث صفعة جمدت دمائي ....
الكهرباء ليست مقطوعة!!!
نور عيني هو المقطوع هنا.....
صرخت بعمق خوفي لحظتها....
فتحت باب غرفتي وجلست على أعتابه أبكي...
وبعد دقائق كنت بين أيديهم التي تلقفتني بحيرة وخوف ....
أتراني أصبحت عمياء؟؟؟؟
كانت يدي تتشبث بوالدي خشية أن أفقده....
هو الصوت الوحيد الذي أعرفه في هذا الظلام المرعب....
أتراني أصبحت عمياء؟؟؟؟
وجئت أنت...
ليستقر قلبي بين أضلعي...
وتتلاشى مخاوفي...
جئت أنت...
ليطرد طيفك غربان الرعب التي تنعق في أوردتي...
وجاء دفء صوتك يهديني السلام...
((لا تخافي أنا هنا..لا تخشي شيء وأنا معكِ))
هربت يدي من يدي أبي....لتغفو بأمان في حنان يدك....
غابت أصواتهم عني...
وحده همسك العذب يملأ سمعي ....
فقدت إحساسي بأيديهم المتلاحقة على جسدي....
وحدها يدك التي تحتضن يدي ما يملأ إحساسي....
عاد نور عيني بعدما خشيت أنني لن أراه ....
طيفك فقط أنقذني...
أما قلت لك يوما
((عندما تبدأ أنامل الحزن العبث في قلبي أستحضرك لأتقي وجعها؟؟؟
أنت تعويذة سعادة لي...
في كثير من الأحيان أجدني شاردة في عبارة قلتها أو أستذكر كلمة من كلامك وقتها تغمر السعادة قلبي وتحل الطمأنينة على روحي ومهما كان المحيط حولي بشع ومشوه تذكر شيء يخصك يبدل البشاعة جمالا والتشوه سحرا....))..

ولساعات بقيت أتنقل من غرفة لأخرى ...
جدران هذه المستشفى لم تكن بيضاء كما هي الحال في أغلب المستشفيات...

أشعة..فحص دم...تخطيط للقلب...
وبين هذه وتلك وذاك كنت أضحك...
وأنت تهمس لي((لما تضحكين؟؟))
قلت لك
((سيرونك يا من تسكنني...
سيعرفونك يا من أعشق...))
ولأنك تعرف أنهم سيجدونك في عقلي وقلبي ...
سيغمرهم عطرك الذي يفوح من خلاياي...
سيتعرفون على بصماتك في قطرات دمي...
ابتسمت لي...
وعدت تهمس((إذا سوف يعرفون لا محالة))....
وانتهت ليلة الظلام المرعب....
و بعد ساعات نوم إجباري أهدتني إياها حقنة تلك الممرضة الجميلة...
فتحت عيناي على باقة ورد تحمل عطرك...
ضممتها إلى صدري بشوقي لضمك أنت...
تنفست رائحتك الحبيبة بها....
تغلغلتَ إلى كل خلية مني....
ملأتني بك...
وعدت للنوم وباقتك الغالية بين أحضاني....
ستملأ أحلامي...كما ملأت واقعي....

يا أنت....
يا نبض أوردتي...
حتـــى متى ستظل طيفا يلازمني؟؟؟
حتــــى متى ستظل حلما يراودني؟؟؟؟
وحتـــى متى ستظل شوق يؤلمني؟؟؟


أتدري لم أخشى فقد بصري حبا في النور...
بل خشيت أن لا أراك ...



يا أنت....
يا من تتنفسك لغتي....
ذات يوم قلت لك...لا أريد أن أعرفك...
لا أريدك أن تكشف لي ما أجهله....

((روحك هي ما أعرفها بل أني أتنفسها ...
حقا أنا لا أعرفك ولكني أعرف الناس بك...
أجهل ملامحك غير أني أقدر الناس على وصفها بأدق تفاصيلها الحبيبة...
لم أشاهدك على أرض الواقع نعم لكن لو جاء يوما وجمعني بك اللقاء صدفة سأعرفك من بين كل البشر...
أخلاقك وحدي من تدرك عظمتها ...
نعم لا أعرفك شخصيا..وجها وجسدا وحضور ملموس...
ولا أريد أن أعرفك يوما هذه المعرفة ...
أريدك كما أنت فقط..روحا أخاطبها وتحتويني...
واقعا أعيشه ويفرض سيطرته في عالمي ...
رغم جهلي التام بكينونتك الظاهرية إلا أن لك حضورا في حياتي فاقت قوته قوة شخصي أنا في حياتي...
هل يحزنك لو علمت أنني في كل صلاة أدعو الله أن لا أعرفك يوما إلا كما أعيشك؟؟
أتوق لأحياك بطريقتي
أعشق ملامحك التي رسمتها لك...
أهيم بصوتك الذي تخيلته...
أحب تفاصيل يومك التي أتخيلك تمارسها ...
أتدري ما يعنيه لي وجودك كما أنت؟؟؟
يعني وجودي بكل ما أحياه...))

رجوتك كثيرا أن لا تغادر حدود خيالاتي وأحلامي...
توسلت إليك أن لا تنزل من سماء الكمال ...
خفت أن يقتلك تشوه الحقائق...
وتحرمني منك قسوة الواقع ....

يا أنت...
يا من يرعبني مجرد التفكير بغيابك...
أخبرتك كم أخشى فقدك...
فهل شعرت بخوفي؟؟؟
كم قلت لك
{{لست حمل وجع رحيلك
لا تنسى أبدا كلما راودتك فكرة الغياب أن تتذكر ما قلته لك يوم
((بحجم حضورك سيكون وجع غيابك..وتخيل ذاك الوجع الذي سيرقى لطغيان حضورك))..}}...

وكلما راودتني فكرة فقدك...
وكلما أرعبتني أوجاع غيابك...
تقفز أمام عيني قصيدة لشهر زادك الحبيبة
((أقتلني من فضلك))
أجدني دون وعي مني أردد كلماتها...
تؤلمني جمل هذه القصيدة ...
وتستوقفني أحرفها التي تصفك في عالمي
((أجلس فوق سجادة صلاتي
أرفع يدي للدعاء بنسيانك
أتراجع يرعبني نسيانك
فمن نفس هذا المكان
رفعت يدي ليال أدعو الله أن تكون لي ومعي
ومن نفس هذا المكان
دعوت الله أن تكون أسعد خلقه في كونه
ولم أستخره بك يوما
كنت أخشى أن تكون شرا
فيبعدك الله عنى !!!
فأنت لم تكن شيئا عاديا في حياتي
لم تكن إحساسا عابرا
لم تكن مرضا يمكن الشفاء منه
أنت كنت في عمري
شيئا يفوق ..عمري!!))....

أأخبرتك أنه كلما فاض بي شوقي إليك أسرع إليها؟؟
أبحث عنك بين أحرف قصائدها ...
يوما قلت لي
((أنتِ هي..شهر زاد))
عرفت الآن لما وجدتني صورة منها...
كلتانا أحبت بملأ وجودها رجل أهداها الغياب!!
أنا وهي نعاني ذاكرة تزدحم بتفاصيل لا ترحم...
تحتضر لغتنا إثر فجوة فقد تتسع كل نبضة شوق تنزفها أوردتنا....
كم أحببتُ هذه الشهر زاد...


يا أنت.....
أتدرك قسوة اللحظات بدونك؟؟؟
أتشعر بي وقت أغادرك؟؟؟
حاولت ذات يأس مني أن أصف لك وجعي حين تحملني خطوات البعد عنك....
قلت لك
((هل ودعت ذات يوم إنسان عزيز على قلبك؟؟

هل أحسست بقسوة الخطوة الأخيرة وهي توشك على انتزاعه منك؟؟

لحظتها تظل تثرثر بأي شيء وإن بدا مجوفا لا معنى له

تضحك

تبكي

تغني

تنوح

أي شيء

ستفعل أي شيء فقط لتؤخر تلك الخطوة

لكن الحقيقة المرة تنهكك

تجلس مثقلا بوجعك

يقين الرحيل يرغمك على الصمت فجأة

فكل محاولاتك عقيمة

ألم غريب يسري في جسدك دون سبب تعلمه

أوجاع شرسة تنهشك بلا رحمة

تختنق بغصة الحزن

وبرغم عذابات روحك الممزقة لا تقوى على منع الابتسامة

ابتسامة يأس تنهض من خلف أنقاض كيانك))....


يا أنت...
يا من يقهرني صمتك...
ويقتلني تجاهلـــــــــــك...
ماذا أقول لك وصمتك يغتال لغتي قبل أن تولــــــــــد؟؟
كيف أصل إليك وبيني وبينك حواجز لا تُخْتَرق ؟؟؟
كم كتبت لك ؟؟
كم صرخت بك أحتاجك فلا تتركني؟؟
كم بكيت بين يديك أحبك فلما ترفضني؟؟؟
لكن صوتي ما وصلك!!
عشقي ما أغراك!!!
أحرفي ما قويت استفزازك!!!

الآن أجلس وحدي لا شيء معي سواك...
وأمامي تقبع ورودك الغالية...
تهمس لي بشفقة
((لا تحزني ...
سيعرف يوما كم تعشقينه...
لا تيأسي...
سوف يشعر بنبضكِ...
سيصله نداءكِ))...

أتصدق نبوءتها يوما؟؟

وأعود للصمت الذي علمتني إياه...
وتعود أناملي تنزفني على أوراقي الحزينة...
أوراقي التي تغرقها أدمع شقائي بك...
وتكفن بين أسطرها بوحي الذي لا يجرؤ على الوقوف بأعتابك....

وتعود عيناي للتحديق بفنجان القهوة ...
لتداعب البسمة شفتاي وقت تستحضر ذاكرتي فنجان قهوتك المزخرف بتعاريج البن العشوائية المترامية على حوافه....

وبين همس ورودك الغالية...
وفنجان قهوتي الذي يستحضرك...
وأوراقي الغارقة بك....
تظل ذات الأسئلة تؤرقني
أتراك الآن تقرأ خربشتي؟؟؟
أتدرك أنها لك؟؟؟
أتعرف كم أعشقك؟؟؟


ستبقى باقة الورد التي حملتك إلي أغلى هدية في حياتي....
ويبقى فنجان قهوتي يستحضرك بقوة...
وتبقى أوراقي تفضح عشقي لك ...
وستبقى تساؤلاتي عالقة ...
وعمري بأكمله سيبقى قيد الانتظار...
رهن كلمة منك ترحمني....

((إلـــــــــى رجل هو أغلـــــــى مني..برغم كل شيء سأظل أحبك))

ناديا
8 مارس 2011م
الثلاثاء 11:48مساءً






هناك تعليق واحد:

  1. حسنا يكفيني ما سمعت منكي سيدتي..
    انت دائما تختزلين آهاتي منه..
    لم اعتقد يوما بانني سانثر عبيري منه على شاشة جهاز يتذاكى...الا ان وريقاتي ملتني وملت عباراتي البائسة فرحت ابحث عمن لم يملني بعد..الان ادرك انني انتقلت من كوني مقروءة الى قارئة..ولكي انتي سيدتي...
    نزفك يروق لي وتفاصيل افكارك اتعايش معها من سنين..
    مللت البوح لهم تحت اسم حقيقي ..وانا اليوم ابوح لكم تحت اسم وهمي...
    لا اعلم ان كان هناك من سيقرا عباراتي لكنني اشعر براحة الافصاح عنها ل لا احد...او حتى لمن لا يعاقبني على همساتي...
    سأقرأك ناديا وسأتخلى عن قرآتهم لي...
    اكتبي عنك واكتبيني فية ...
    فنزفك لم يقدروا بعد على ايقافة..
    انزفي وانزفيني معك..فاعر ان اورتي قد فرغت من اي تفصيل انزفه...

    ردحذف