السبت، ديسمبر 08، 2018

عاصفة العمر للكاتبة شهرزاد


عذرا ياقلبه وياقلبي!
فبعض العواطف عواصف
ان لم تُغلق في وجهها الأبواب والنوافذ دَمرت كل المدن الفاضلة بنا!
فاحكم اغلاق بوابة العمر ونوافذه
وعري قلبك قبل ان يُعريك
واعتبر عاطفتك تجاهي مولودة انثى بُشرت في زمن الجاهلية بها
فواريت وجهك خجلا من القوم من سوء مابُشرت به!
وتجنبني كمرض معدي اعجز اطباء العالم
جاهدني كــ وسوسة شيطان رجيم !
واغتسل مني كخطيئة لاتزول إلا باستغفار متواصل
استغفر الله علي كذنب عظيم لا تذيبه إلا رحمة الله
وضع يدك على فم قلبك بقسوة حتى تخفت انفاسي بك!
حتى ( ت خ ف ت ) أنفاسي بك !
واقبرني كأمنية لايجب ان تسير على الارض يوما
واكمل للبقية طريقك !
اكمل للبقية طريقك !
فالارض تبتلع العشاق ولا تبتلع الطرق!
وكل الحكايات مادامت الحياة مستمرة تختم بكلمة (يتبع )
و( يتبع ) هي الفرصة الأخرى التي تمنحها لنا الحياة
لــ اكمال الطريق الممتد أمامنا بعد طي حكاية سابقة !
فلاتجعلني آخر محطاتك وآخر طقوسك وآخر ذكرياتك وآخر طرقك !
وان شدك الحنين يوما الى مواسمي
فارسمني على سحابة الصيف امنية مطر في غير اوانه
ولوح لي ان استطعت مودعا
ولا تأمن لسحب الصيف كثيرا
فأمانينا التي تأتي محمولة على سحب الصيف لاتعيد الحياة للزرع ولاللارض و لا للثمر !
فلايجب ان نؤمن بالمعجزات حد الوهم
ولا يجب ان ندافع عن الوهم لدرجة ظلم اليقين
فالحياة ليست لعبة كرتونية هشة
نلصق قطعها ونشكلها كما نحب ونشتهي
ولا العالم سبورة سوداء نمسح خارطته ونغير تضاريسه بما يتوافق مع امانينا
ولا النصيب علبة مذهبة نختارها على اذواق قلوبنا
ولا هو بيت رمل نشيده بسهولة على شاطئ البحر
ونتقاسم غرفه وممراته وطرقاته وذكرياته
فنحن ياسيدي لن نصغر!
والزمان لن يعود من اجلنا يوما الى الوراء
فالأزمنة لاتتوقف ولاتسير للخلف من اجل اعادة الصبا لحلم مسن
او امنية شاخت على محطات الانتظار !
فلاأنت ستعود إبن العشرين !
ولا انا سأعود ابنة الثامنة عشر !
ولا الشعر الأبيض في ذقنك سيتلاشى بنبضة قلب
ولا الشعيرات البيضاء في ضفائري ستختفي بعصا الحب
فالأحلام التي تبلغ بنا من العمر عتيا لاتموت !
لكنها تترك بنا من التعب والوهن الكثير
فالحياة لاتعترف بحق العشاق بفرصة اخرى على ارض اخرى!
هي تُعيد التفاصيل والحكايات فقط !
لكنها لاتعيد الأرواح والوجوه !
فالحكاية تتكرر / والأبطال يتغيرون !
لهذا نحن لن نشهد بدايات الأشياء على الأرض
ولاسنعيد الاكتشافات الاولى
فاتنا ميلاد الكثير من الاشياء ياسيدي
والكثير من البدايات!
فلن نشهد ميلاد النار ولاميلاد الشجر ولاميلاد الطير ولا ميلاد المطر
فدهشة الميلاد وطيش المراهقة وثورة الشباب (فطرة ) لا تتكرر
و( حقوق ) لاتمنحها الحياة للانسان مرة اخرى !
فلا اسمك سيملأ يوما اوراقي الرسمية
ولا اسمي سيضاف يوما الى قائمة محارمك
فالمحيطات بك لاتشبهني والمحيطات بي لاتشبهك !
اذن لنعبث بأزرار السرعة بنا ... ولــ نتوقف !
فالأجساد الممددة على الطريق امامنا اغلى من المضي عليها
فلا انت ستستطيع السير على اجساد احبهم اليك للوصول الى جزيرتي!!
ولا انا سأستطيع القفز من على قامات اوقرهم لدي لتسلق سورك !!
مأساتنا ياسيدي ان السور الفاصل بينا سورا بشريا
فلنحترم السور البشري
ولنخلع القبعات الحمراء / أمام الاشارات الحمراء
مضى اجمل العمر ياسيدي واكثره
فماذا سنجني من حدائق الاحلام في هذا العمر
ما حاجتنا لسلة الاماني في حدائق امست غابات
فلا العنب هو العنب ولا التفاح هو التفاح
ولا الرمان هو الرمان ولا الخوخ هو الخوخ
فالثمار لا تبقى على الاغصان كما هي
والاغصان لاتحتفظ بثمارها الناضجة طويلا
فكل شيء في الانسان ياسيدي آيل للسقوط
والاحتضار اخر محطات المكابرة !
مضى اجمل العمر ياسيدي
والعمر ليس حمامة بيت ان حلقت بعيدا او رحلت تعود
فالعمر أصم لايلتفت الى الوراء مهما بُحت اصواتنا تناديه
فالعمر طريق ذهاب واحد لاعودة له
ولا احد سيلتفت للوراء ليلقي نظرة ألم علينا
نحن فقط من يلتفت الى الوراء كلما حاصرنا الخذلان في الأمام
فالخلف يبقى منطقة الحنين
ويتحول مع الايام الى دنيا شبيهة بالحلم
لانحلق فوقها إلا خيالا!
مااصعب اللعبة ياسيدي !
تأخر العمر بقلوبنا كثيرا
وخيم الظلام على احلامنا والغاااابة موحشة !
فاين كنت انت ؟
حين كنت ارتجف تحت أمطار الليل رعبا من الوحدة؟
اين كنت انت؟
حين كنت احصى المتبقي من قطارات العمر مرحلة تلو مرحلة ؟
اين كنت انت؟
حين كنت امزق روزنامة العمر ورقة تلو الاخرى بانتظار رجل مختلف!
اين كنت انت
حين كنت اصنع زوارق الورق وأرسلها على امواج البحر الى عزيز غائب !
اين كنت انت
حين كنت أُلقي في كل سنة حلم من احلامي في فم البحر
وأتنازل من اجل البقية عن الكثير؟
اين كنت انت
حين كنت اخبىء الورد تحت وسادتي وأوصي عاشقات الارض بالحب خيرا ؟
اين كنت انت
حين كنت اطهو الحجارة لقلبي ليغفو في ليلة عيد الحب وعشاق العالم يحتفلون ؟
اين كنت انت
حين كنت اتحول الى انثى نزارية النزعة والجنون
وأملأ ضفائري بالفل وبالياسمين والعبير؟
أين كنت أنت حين كنت أنثى حالمة
أبحث عن رجل يقف على عتبة بابي شوقا ويحولني الى اسطورة ؟
أين كنت أنت حين كنتُ أنثى خيالية
أبحث عن رجل يصلب نفسه على جدران منزلي والامطار تغرق جسده !
أين كنت أنت حين كنت أنثى ساذجة
أحلم برجل يرسل لي رسالة قلبه مع حمام الزاجل ؟
بربك اين كنت وركب العمر يمضي بي؟
فحتى اكاذيب قارئات الفنجان لم تكتشف وجودك على خارطة عمري
وكانك كنت المفاجاة المخبأة لقلبي!
كانك السر المدسوس في تمر العمر لي !
فلا خرافات قارئات الكف جاءت بك يوما
ولا اكاذيب الغجر بشرتني بك
فمن الذي اعتق سراحك في هذا العمر لي !
وأي لعبة مؤلمة تلعبها الايام مع قلبي
لماذا يُشد اللحاف من على جسد قلبي في اشد مراحل العمر برودة
لماذا يعلو صفير الرياح على نوافذي في اكثر مواسم العمر حاجة للهدوء ؟
أتكون أنت مراهقتي المتأخرة ؟
ثورة البركان التي تعترض طريقنا ونحن باتجاه مرحلة ما من العمر ؟
مراهقتي التي لم تستيقظ وانا على عتبة البلوغ!
مراهقتي التي لم اصافحها وانا على المقاعد المدرسية!
مراهقتي التي كانت وصايا امي وجدتي اقوى مني ومنها
مراهقتي التي كنت استرها واستتر منها ادعاء للنضج!
مراهقتي التي بحثت عنها طويلا بين أكوام الكتب والصحف والروايات
ولم اجدها / ولم تجدني!
فعشت بين رفيقات صباي كتمثال من النضج
تمره المشاعر / ولاتمره !
وسمعت نسوة الحي يوما يتهامسن أمامي موقنين
انها يوما ما ستأتي
ستطرق بابي في مرحلة من العمر
,قالوا مالم يأتي في مرحلة البلوغ يأتي في مرحلة النضج
وان مراهقة النضج تختلف كثيرا
فمراهقة البلوغ بها من الاحلام والفرح والطيش الكثير
بينما مراهقة النضج بركان ثائر!!
وكأننا حين نصاب بها نحاول ان ننتهز كل دقيقة لنا في الحياة
فتصبح دقائق الحياة اغلى !
وكأننا اكتشفنا الحياة للمرة الأولى !
وكأن كل مامضى من حكايات لم يكن سوى بروفات مكررة
من اجل الحكاية الانضج والاقوى !
وسخرت يومها من قولهن حد الضحك!
وتساءلت كيف لقلب يسير على ثلاث وهنا
ان ينبض بقوة !
وكيف للحب قدرة على بث الروح في جثة قلب متآكلة الأطراف ؟
لكني اكتشفت الان وبعد ان كبرتُ
وبعد ان ماتت عجائز القوم
ان تجربتهن كانت أعظم من سخريتي
وان عاطفة النضج هي عاصفة العمر
لها في النفس مكانة مخيفة
كانها آخر الأبناء
كانها آخر الفرص
كأنها أخر الأطواق
كانها آخر اللحظات على هذه الارض !!
فمراهقتنا المتأخرة رائعة
عاطفة تأتي لتوقظ الميت بنا
لتمنحنا فرصة للشعور بالحياة
لتذكرنا بالقلب والنبض والسهر والشوق!
لتقيس لنا مساحة المتبقي بنا من قدرة على الجنون والحب بجنون!
فنحن ياسيدي نحتاج للاعتراض احيانا وبقوة
نحتاج للتمرد
نحتاج لرفض اشياء قبلناها معظم العمر !
نحتاج لتبديل اسطوانة حرصنا العمر على الاستماع اليها وترديدها
كأغنية من التراث !
وأنت جئتني في مرحلة بدأ الهدوء يخيم بها على احلامي وأحزاني
لهذا أحتاج كي أصلك الي الكثير من التمرد
والكثير من الرفض والكثير من العصيان والكثير من الطيش والكثير من الحماقة
والكثير من السخافة والكثير من القسوة والكثير من الجنون
احتاج كي استقبلك الى تسلق الجبل العظيم
احتاج الى السباحة عكس التيار
احتاج الى السير على راسي مئة عام
احتاج الى استئصال عقلي
احتاج الى فقدان الذاكرة
احتاج الى احراق المدينة الفاضلة
احتاج الى استبدال القوم والزمان والمكان
أحتاج إلى نسف الكثير وتدمير الكثير
فأنت
استيقظت متأخرا وتأخرت كثيرا !
اكثر من قدرتي على استقبالك في عالمي
اكثر من قدرة العثور على ثغرة تسربك الى دنياي
اكثر من تجاهل الوقت والعمر والعقل والظروف
تغيرت العملة في وقتي وقلبي وحلمي
فأنت لم تتأخر سنوات طويله
انت تأخرت عمرا بأكمله
كلما ازددت بك يقظة
كلما أرعبني التفكير باحتمالية ان تكون
صحوة الموت لقلبي لا أكثر
ففي صحوة الموت تعود الذاكرة والصحة للجسد عودا قويا / لكنه مؤقتا
فيخيل الينا ان معجزة ما قد عجلت بالشفاء !
ثم لايلبث الموت ان يسلب بعدها كل شي
الروح والجسد والحضور
فيحل الغياب على قلوبنا كــ لعنة سماوية مفاجئة !
نحن نتفاجأ في الموت دائما
حتى لو كنا نقف بانتظاره
فرهبة الموت تفوق غرور التوقع !
أنظر كم أحببتك ؟
لدرجة مواساة نفسي / بأنك لست سوى حالة وهمية مؤقتة
شبيهة بحلم ليلي ينتظر اشراقة الشمس لإيقاظه
برغم يقيني ان معظم احلامنا تستيقظ قبل شروق الشمس
لكننا نذر على احلامنا الكثير من ملح الأوهام
فالأحلام التي لاتصاحبها الأوهام تكون قصيرة المدى
فالأحلام بالأوهام أطول عمرا( هكذا علمتني الأيام)
ولايحمل زاد الوهم في حقيبة احلامه سوى انسان يدرك اتساع الفجوة بينه وبين الواقع !
مما يجعل أحلامه ( لحظية )
وأنا معك تحولت إلى انثى اللحظة
ارتبطت باليوم اكثر من ارتباطي بالغد
كنت صديقة وفية للغد يوما / لكن الغد خان ثقتي به
و غدر بي حين جاءني محملا بالكثير إلا أحلامي !
لاحظ اني احاول معك ان أبدو امرأة أخرى !
ربما لأن حقيقتي ترفضك
والجزء الأكبر من الوهم بي / يرحب بك!
فأتحول وبلا مقدمات من أنثى العمر / إلى أنثى اللحظة !
فأبغض الصكوك التي يتبادلها أطراف الحكاية اثناء الحكاية !
وأكره الشعارات التي يرفعها العشاق على محطات الفراق
(سأتذكرك الى الابد / سأحبك الى الأبد / سأذكرك عند الغروب)
ووضعت الأكاذيب السابقة بين قوسين لانها ليست من اختراعي !
اخترعها عشاق العالم قبلي !
كما اخترعوا الوصايا الأخرى !
الوصايا التي أمست كطقوس لابد ان يمارسها كل قادم إلى عالم الحب !
وتضحكني سذاجة الوصية !
لاتحب بعدي امرأة أخرى / وان احببتها فلا تحبها كما احببتني))
ما أغباها من وصية !
فما دمت قد أحببت بعدي / فماذا تفرق الكم والكيف ؟
أنعتها بــ ( الأكاذيب ) الآن لان لا احد يحتفظ بالذكرى الى الأبد
فالذكرى كالإنسان تماما
كلما تقدم بها العمر توهن وتفقد من نضارتها وألوانها الكثير
لهذا لن اعدك ان احبك الى الابد
فحب الابد يحتاج الى (أبد )
وأنت لا تملك ان تمنحني في حكايتك (الأبد ) !
فكل ما تسربه لي منك مجرد
( لحظات / كلمات / ابتسامات / تخمينات / ومضات سريعة الانطفاء )
لا أكثر ولا أقل !
تبا لك / ولي !
فمازلت احاول ان ابدو معك امرأة اخرى
اتظاهر بكراهية الوصايا التي اعشقها
فانا احب ان يذكرني رجل الى الابد
وان يحبني الى الابد وان لايحب بعدي امرأة أخرى !
لكني احاول ان اتجنب معك لدغة الغد قدر استطاعتي !
فيوم ما سيتحول الغد الى ثعبان سام
يلتف حول عنقي / ليجردني منك !
ويترك في فراغك بي من الذكرى والحنين / مايقتلني وحدي !
لهذا احاول ان أتخلص من مصطلح ( الغد )
وان أتحول الى ( انثى اللحظة ) / كي امد هذه الحكاية عمرا اطول
فاللحظات العابرة / أكثر قدرة على مدنا بالفرح !
لانها تغادرنا قبل ان نتذوق طعم مرارتها !
بينما الحكايات طويلة الأمد / تمتص رحيقنا تماما !
ثم تلقي بنا على قارعة الندم !
فانا ادركت متأخرة جدا
ان الحنين والذكرى ووعود ماقبل الرحيل ليست سوى دماء فاسدة
ننقلها لجثة الحكاية بعد موتها !
في محاولة واهمة لإعادتها الى الحياة!
بدأت أكرهني !
لأنني بدأت انسفني باسم الحب !
ولايحق للحب ان يغير معتقداتنا لهذه الدرجة
فالحكاية التي تبدأ مختومة بالمستحيل
تبقى هزيلة جدا مهما أكلت وشربت منا
لانها لاتأكل ولاتشرب منا إلا الهم والحزن!
وأنت حكاية دَوَنها المستحيل في اوراقه الرسمية
وأهداها لي في غير أوانها / مغلفة بالسخرية !
ربما سخرية زمن
ربما سخرية مكان
ربما سخرية حظ !
لكنها مضحكة / مضحكة لدرجة البكاء !
لكني تجاهلت ألسنة الوقت والزمن والحظ / وغرقت بك !
(هانحن ذا يانزار نعود منهم إلى طاولاتنا / لاشيء معنا منهم / ولا حتى كلمات ! )
نعم غرقت بك !
غرقت بك لأني رأيت بك معجزة زمن انقرض منذ زمن !
فحياة الحرية التي عشتها جعلتني !
احلم برجل في شخصية (احمد عبدالجواد )في رائعة نجيب محفوظ !
رجل يرغمني حبي له على مقاومة النوم الذي قيل عنه
سلطان جبار !
رجل يزرعني حبي له عند قدميه في ليالي وهنه بالماء الدافئ والملح !
! رجل يلاحقني باتصالاته عند خروجي من المنزل
لــ الاطمئنان اني قيد وفاء !
رجل لايتسع وقته لمناقشة حق المرأة في التسوق بلاهدف
و السهر بلا ضرورة والسفر بلا محرم !
لكن هذا الحلم ذاب كقطع السكر في كأس الحياة
لم افقد ايماني بالحلم الجميل !
لكني فقدت ايماني بوجود رجل يستحق ان تنحني له قامة امرأة شامخة !
لتمنح قدميه دفء واهتمام أم !
ربما اكون انثى متناقضة حين احلم برجل
مزيج من نزار واحمد عبدالجواد !
لكنني احببت في نزار رومانسيته وليس تحرره!
وأحببت في احمد عبدالجواد رجولته وليس جبروته !
ربما لأنني فتحت عيني في احضان رجل كان حضوره يربك الرجال
ولهذا عشت عمري ابحث عن شخصية جدي في عالم الرجال
لدرجة اني كنت مهيأة للوقوع في حب أي رجل
بمجرد ان يطلق صرخة رجولته في وجهي !
وليت نزار مازال على قيد الحياة !
لأخبره اني وبعد سنوات طويلة من قراءة قصيدته (شؤون صغيرة )
أمسيت بطلة لحكاية شبيهة بقصيدته
فأمور تراها أنت تافهة وتمر عليها مرور الكرام
لكنها تعني لي الكثير
الكثير الذي لايُقاس بمقدار ولابكمية
القهوة المتبقية في قاع فنجانك
خطك المرسوم على قصاصات الورق
عطرك المتبقي في الطرقات
صوت سلامك الصباحي على الأبواب
ضحكتك ارتباكك امامي
نضجك معي
نضجك الذي يمنعك ان تبوح لي بحبك
تماما كما يمنعني غروري ان ابوح لك بحبي
لهذا فأنت ستكتفي يوما بنضجك وترحل
وسأكتفي انا بغروري وارحل !
وربما لن يخطر في بالك يوما
ان الانثى التي في نظرك اقوى امرأة في العالم
حين تسمع صوتك تتزلزل ارضها تحتها وتهتز جبالها حولها
وحين تقف بجانبك يتحول قلبها الى قط صغير مبلل بالماء
يرتعش بقوة !
ولايشعر بقوة حركته سواها !
والله وهن الدنيا كله يتسرب الي وانا بجانبك
حياء نساء الارض كله يرتسم على وجهي وانا اتحدث معك
فأتصرف بغباء كي أستتر أمامك
أتحدث بصوت مرتفع كي لاتكتشف أمر القط المبلل بين اضلعي!
أتحول الى امرأة جبارة حادة التسلط / سليطة اللسان
كي لا اخسر اخر بطاقات اللعب معك
وكي لاينهار اخر جدران المقاومة المتبقية بيني وبينك !
فربما أحببت أنت الرجل الذي بي
أكثر من الأنثى التي بدأت تمزق أكفانها بي
وتصر على التباهي بأنوثتها أمامك
نعم !
وهنة أنا أكثر من بيت العنكبوت !
فبعض الحكايات كزوجة أب
تمارس علينا من العذاب والهوان والتشرد مالا طاقة لنا به !
لهذا أحاول أن ينحصر خيالي بك في دائرة حضورك أمامي
وأن لا يتجاوز إلى مابعد رحيلك
فلا شأن لي بعالمك الخاص وغرفك المغلقة
لست امرأة تافهة !
لكني أحاول أن اتجنب النار والحزن والغيرة قدر استطاعتي
فجدتي قالت لي يوما ( حين لاترى العين / لايتعذب القلب
لهذا أمنع العين / رأفة بالقلب !
ولاأعلم لماذا حين أراك أحيانا أغمض عيني بقوة
تجنبا من الوقوع في حفرة النار
كي اتجنب نارك القادمة
برغم يقيني أن كل الذين وقعوا في النار
كانت أعينهم مفتوحة
فلا أحد يقع في النار بأعين مغمضة!
ربما لأن قلوبنا هي اللي تتعرقل في الحب وليس أقدامنا
وحدها قلوبنا تسقط / فتتدحرج / فتنكسر !
 (كالممسوسة أنا بك / اقرأ آيأت الله على قلبي كي أحرقك بي!)
كبرت معك أكثر مما يجب
ووهنت معك اكثر ما يجب
وتحايلت معك اكثر مما يجب
وأنكرت معك اكثر مما يجب
وتقدم بي معك كل شيء في العمر حتى الحزن
فهاهو صوت صديقتي المقربة يصرخ بي
انت متورطة في حبه
وهاأنذا انكر ورطتي بك
فبعض الشعور ورطة
وبعض النكران نجاة !
وأؤمن تماما بأن الحب ليس معجزة
ولاهو صانع المعجزات!
فهو يتكرر في اليوم ألاف المرات
فالحب أوهن من الدفاع عن حق قلبان في البقاء معا!
أضعف من توفير وسادة رسمية لعاشقين يحترقان شوقا !
ولو كان الحب صانع المعجزات
لما اطلقت حكايات الحب سراح أبطالها بعد ان انغمسوا في تفاصيلها !
ولما فصلت إلتصاقهم بعد ان إلتحموا ( حبا ) كالجسد الواحد !
وكلانا يعلم أنه يحمل الآخر في جيب قلبه المثقوب
والجيوب المثقوبة لاتحتفظ بالممتلكات طويلا
لهذا فكلانا سيسقط يوما من الآخر سهوا !
فيوما ما ستطلق الحكاية سراحنا !
بعد ان تهدينا طرق مختلفة ليمضي كلانا في طريق معاكس لـ الآخر!
فأحدنا سيدير ظهره لــ الآخر يوما باختياره !
دون ان يكثر التفكير فيما بقي خلف ظهره من ركام انسان!
لهذا ألهث الآن خلف كل ثانية معك !
أحاول ان أنتهز كل فرصة تمنحها الظروف لي كي أكون بجانبك !
فــ كالحلم أعيشك / وكالحلم أتمسك بك !
وأغمض عيني بقوة !
وبي رغبة مجنونة بسرقة كل منبهات العالم وإلقائها في البحر
كي أقضى على كل رنين قد يوقظني منك !
و أحاول التخلص من كل ضجيج قد يحرمني منك !
برغم يقيني ان ( منبهات ) الحب ترن بلا توقيت مسبق أو متفق عليه!
فلكل شيء نهاية !
والموت النهاية العظمى لكل الأشياء!
وفي حكايات الحب (الموت ) هو النهاية الأرقى برغم قسوتها!
والموت نهاية لا اريدها مسك الختام لحكايتي معك
أو أقلها ليس الآن !
لتتعرقل النهاية / ليتأخر الفراق قليلا !
لــ أكتفي منك ولو خيالا !
فمازال لك في جعبتي من الحب الكثير !
وأجهل أي قدر مبصر يأخذني إلى طريقك
يقودني كالعمياء اليك!
يجردني من حذائي ويلقي بي حافية القدمين على طريقك الزجاجي
وكل مابي يهتف عودي !
فكيف أعود الأن ؟
وأنا أضعت منذ أن رأيتك خارطة طريقي!
فكالممسوسة أنا بك !
اقرأ آيات الله على قلبي كي أحرقك بي!
فلا داخلي ولا خارجي يتسع إليك!
وأخلف حولي الكثير / وخلفي الكثير وأتجه نحوك !
متجاهلة كل الأصوات !
فلاطاقة لي بصوت يوقظني منك!
فالــ تعلو صرخاتهم فما عدت أسمع سوى رفرفة قلبي !
وماعاد قلبي يتسع لوصاياهم !
فـــ لتنساني عقولهم قليلا !
قليلا فقط / فعمر العقول أطول من عمر الأحلام !
وسينتهي الحلم يوما / وستبقى عقولهم !
أخبرتك مسبقا
ان عمر العقول أطول من عمر الأحلام !
وسينتهي الحلم يوما / وستبقى عقولهم !
فدعك منهم واختبئ في اقصى مكان في خيالي !
تعمق بي حيث لايصلك منهم احد !
ودعني أمارس أمومة الحب معك !
فلدي رغبة لتدليلك كطفلي الاول !
وتتجول في قلبي أمنيات بيضاء
أتمنى ان أمشط شعرك / أقلم اظفارك / انتقي ملابسك
أتمنى ان أدلك جبينك / ان أسرد عليك حكاية سندريلا قبل النوم !
وأتلاعب بأحداث القصة !
فأخبرك ان سندريلا لم تحضر حفلة الأمير
وان الأمير لم يلتقط حذاء سندريلا
وان سندريلا التقت بالأمير في مكان آخر
أكثر هدوء من الحفلة !
وان ملامح الأمير شبيهة بملامحك
وان أحزان سندريلا شبيهة بأحزاني
نعم أحزان سندريلا شبيهة بأحزاني ؟
لكن لازوجة أب لي تلقي علي الفائض من قديم ثياب
والبائت من فضلات الطعام !
ولازوجة أب تمنعني من حضور حفلة الأمير !
فزوجة الأب الوحيدة في حكايتي معك هو التوقيت !
التوقيت الذي جاء بك في غير اوانك
فألقى على قلبي قديم الثياب وقديم المشاعر وقديم الأحلام
ومنعني من الاحتفال بفرحة قدومك !
أتراني أحتاج إلى معجزة كــ معجزة ( ساحرة ) سندريلا ؟
إلى عصا سحرية / تمسح لمستها كل تاريخك وتاريخي
تضعنا في منتصف صفحة بيضاء !
صفحة نبدأها منذ السطر الأول !
يااالله / كم سنة نحتاج ان نسير بها إلى الوراء
حتى نصل إلى السطر الأول ؟
كم سنة نحتاج لمسح تفاصيل الزمن منك ومني ؟
الوجوه / الأصوات / الأحداث !
أمم الذكريات التي مرت بنا / وحولنا !
أجبني بربك
أين تباع المعجزات ؟
مازلت أتحدث عن المعجزات ؟
وأؤمن بها بقوة ايماني بوجودك داخلي !
فكل مأساتي اني صدقتهم ان الحب يصنع المعجزات!
ومنذ ان أحببتك وأنا أحاول ان أصنع معجزة
منذ ان أحببتك وأنا أحاول ان أجمع الثلج بالنار دون فقدان أحدهما !
منذ ان أحببتك وأنا أحاول ان أجمع الشمس بالقمر دون احداث حلل في الكون !
منذ ان أحببتك وأنا أحاول ان أقنع نفسي ان تغير لون الماء وطعمه ورائحته ليس دليل فساده !
بدأت أقترب من حالة هذيان مؤلم !
وبدأت الثرثرة بك تعريني أمامهم !
لا بأس / وليكن !
فمادامت مشاعري مجهولة لك
فأنا أكثر قدرة على التحدث أمامك بلا تلعثم
وبالمرور على بابك بلا أسباب !
فالمشاعر المكشوفة تعيقنا عن الكثير !
وتحرمنا من الكثير !
ربما كنت أنا أكثر خبثا منك وأتقن أداء للدور أمامك
فالأنثى أسرع في كشف مشاعر رجل مغطاة بحديد!
وأقدر على قراءة لغة عينيه!
بينما الرجال أقل قدرة على سماع مالا تنطقه الألسن !
وفي عينيك نظرة لم اقراها في عين رجل آخر
فليس للرغبة والجوع في نظرتك أثر!
ربما الرغبة مرحلة تتبع الحب !
أو مرحلة من اختراع عشاق تسبق حاجات الجسد لديهم حاجات الروح!
سيدي / بدأت أسمع لهاث قلبي
وبدأ التعب يتسلل إلي أكثر مماتتخيل ويتخيلون !
وبدأ يرعبني بأنك قد تكون مجرد فكرة لمقال وجداني !
تنتهي بميلاد النقطة الأخيرة
عفوا / انا لاأُتفه من حجمك بي
أنا فقط اعيد ترميم شروخ جدران أماني!
فكلانا لجأ الى عالمه المفضل له
انت لجأت الى الصمت
وأنا لجأت الى الكتابة !
وربما عشت أنت طقوسك معي في صمتك
كما عشت أنا طقوسي معك على الأوراق !
ربما كتبت لي رسالتك الاولى في صمتك
ربما شاركتني فرحة اللقاء الاول في صمتك
ربما تزوجتني وراقصتني في صمتك
ربما رزقت باول ابنائك مني في صمتك
كان الصمت عالمك الذي عشتني به
تماما كما كانت الكتابة عالمي الذي عشتك به
وقد تتحول هذه المشاعر يوما الى رواية حب
وقد تقع الرواية بين يديك يوما
فتقرأ وتبكي دون أن تدرك أن بطلها كان ....... انت !
 (أيتغذى الحب علينا؟
أيأكل الحب من أجسادنا ولحومنا / لهذا نفقد من صحتنا في الحب الكثير؟ )
ياالله
كيف تحولت حكايتك الى دائرة مغلقة
وكيف ضاقت الدائرة علي
فأمست كلعبة المتاهة متعددة الطرق
وطريق واحد فقط يؤدي الى الخروج !
فأصبحتُ اتجول في الدائرة بحثا عن فتحة الخروج
لكنني كلما تتبعتُ الأسهم اصطدم بقلبي بجدار ينبؤني بأني أسير في الطريق الخطأ
فربما أحتاج للجلوس قليلا لإتلقاط أنفاس قلبي
فبعض المشاعر تسرق من أنفاسنا الكثير!
ربما أحتاج لتجديد جلد اقدامي
فلا اعلم لماذا كلما خطوت نحوك خيل الي اني أسير على أقدام باطنها دامي متآكل !
لهذا انا احتاج للتركيز في الطرق التي امامي
كي لا اخطىء طريق الخروج من حكايتك!
فما عادت صحتي تحتمل ارهاق إعادة الطرق
او تجربة الطرق للوصول إلى الطريق الصحيح
فأنا وهنت كثيرا!
وفقدت من مناعتي معك الكثير وأمست امور كثيرة قادرة على إصابتي بالمرض!
فغيابك يُمرضني / والشوق اليك يُمرضني / وافتقادك يمرضني /
وعمق التفكير بك يمرضني / وكتمان مشاعري يمرضني
وتحليل المواقف يمرضني / وانتظار الوارد منك يمرضني
وتناقض المواقف منك يمرضني!
وأدركت وأنا على فراش المرضِ
ان للعشق (حمى ) ظننتها انقرضت منذ ان مات بها آخر عشاق الزمن القديم !
لكن منذ ان اكتشفتك في داخلي والحمى تداهمني
وكأنك مرضا عضويا يفقدني مناعتي
كانك الملاريا/ كأنك مرض تدمير الخلايا / كانك الطاعون الذي مضي بقبائل وأمم !أيتغذى الحب علينا؟
أيأكل الحب من صحتنا وأجسادنا ولحومنا ؟
لهذا نحن نفقد عند الحب الكثير من صحتنا والكثير من اوزاننا ؟
أيعقل ان يصيبنا الحب بمرض عضوي يُرقدنا الفراش؟
فأنا بي نحوك من نهم العشق ماقد يرقدني في فراشي أشهر طويلة
فهل سأغيب عن الوعي وأدخل غيبوبتك قريبا؟
هل سيعلن أبي في البلاد عن حاجته لطبيب يُعيد الوعي لأميرته
التي سافرت في غيبوبتها بحثا عن بن الحطاب؟
وهل سيضغط الطبيب على نبضي بقوة ( كما في الحكايات القديمة)
وهو يردد اسماء فرسان القبيلة اسما اسما
فإذا ماذَكر اسمك عاد النبض الي!!
وان عاد النبض وعادت مع النبض الحياة
فمن سيُخرج مني التفاحة المسمومة التي نبتت على أغصان قلبي؟
من أين لي بسبعة أقزام يرممون حياتي ويحمون ظهري من غدر الطريق ؟
وأنثى تلاحقني بتفاحتها المسمومة كلما صرخت بها مرآتها
اني الأجمل منها في المدينة !
لاأبالغ ياسيدي
لكن عندما نمارس الصمت في قمة حاجتنا للبوح
فنحن بطريقة ما نكون كالذي يحفر للثعبان في داخله جحرا
فالصمت جين يُعتق في داخلنا يتحول الى ثعبان سام يلتف حول أعناقنا
ويتركنا عرضة للاختناق بأحزان داخلية !
فبعض الأحزان نحتفظ بها في غرف داخلية
وانت حزن داخلي !
توقفت عن الثرثرة بك للمقربين حين تحولت الى حقيقة مُرة في أعماقي!
وحاولت الاحتفاظ بك في أقصى غرفة داخلية بي!
لكني لم اتوقع ان تتحول هذه الغرفة يوما
الى بحيرة من السم يغلي سمها
فيتسرب منها بخار السم ليوهن جسدي يوما بعد يوم !
فتموت الروح والجسد باق كتجويف غصن شجرة قديمة
يمارس حياته بينهم على هيئة بشر !
فماأكثر الاشجار المجوفة بيننا !
وانا الآن أمارس حياتي بينهم على هيئة بشر
لكن في داخلي احساس انني مجرد تجويف لغصن ما
لهذا أتمنى أحيانا ان أغادر جسدي!
ان أتحول إلى روح مؤمنة !
فالأرواح المؤمنة يحق لها بعد ان تغادر الأجساد!
ان تتجول في الأرض
وتزور من تحب من الأحياء
وانا أحبك كثيرا !
أحبك لدرجة تمني مغادرة جسد تفصله عنك المسافات
والتحول الى روح تقترب منك متى شاءت
روح تلتصق بك !
تحلق بجانبك وأنت تتناول طعامك !
تختبئ في غطاء فراشك!
تغفو على وسادتك الأخرى
تشم رائحتك
وتشهد تفاصيل يومك كاملة !
لاتثق بجرأتي على الأوراق كثيرا !
فعلى الأوراق فقط أكون في كامل قدرتي على البوح !
فأنا أتصلبُ على مقعدي كصنم جاهلي كلما شممت عطرك يتسرب من خلف الابواب إلى!
فتقيدني الكرامة بسلاسل من حديد
الشيء الوحيد الذي لايجرؤ قلبي على تفادي قوته هو كرامتي
فكرامتي كالأم لقلبي تهذبه وتحسن تربيته
كي لايلحق بك فيتشبث بطرف ثوبك
فالقلوب عند الحب نقية وشقية كالأطفال تماما
لاتحسب للعواقب حساب !
(استيقظت منك بلا رنين / فحتى حلمي بك لم ينتظرني !)
اظنني قد اقتربتُ أخيرا من باب الخروج من كهف حكايتك
فبعض النور بدأ يتسلل إلي
واظنني على بُعد خطوات قليلة من المحطة الاخيرة!
فالآن اقف فوق آخر بقعة أرض يحق لي الوقوف عليها معك
انها (بقعةالختام)
وكاني أستيقظ الآن من حلم ليلة طويل
حلم امتد بي من مسامات الرأس حتى مسامات القدم !
فأحلامنا هي التي تمتد بنا وليست الليالي
فبعض الاحلام ليلة وبعض الليالي حلم!
فاتلفت حولي اتلمس جفاف الأشياء بجانبي
لاكتشف خديعة الشتاء ووهم البرد والمطر
ف السماء لم تكن تمطر
والشتاء لم يكن قارصا سوى في حكايتك
ففي الحلم عشت معك حكاية شتائية الطقوس
ف منذ قليل كان المطر في الحلم يبللني
فكنت ألجأ الى الاختباء تحت معطفك وانا اغني من بين ارتعاش الشفاة واصطكاك الاسنان
( قديش كان في ناس
عالمفرق تنطر ناس
وتشتي الدني ويحملوا شمسية
وأنا بأيام الصحو ماحدا نطرني !)
وكما ترى
حتي حلمي بك لم ينتظرني
غادر الحلم وانا في كامل عاطفتي وحاجتي وزينتي لحكايتك
وكأن حكايتك غفوة نائم وحلم شتاء فاخر!
حلم راقصت فيه الأمير حتى الصباح
حلم لاعبتُ به سبعة اقزام طيبون
حلم تزوجت به ابن السلطان في حفل اسطوري !
حلم غني لي به روميو به تحت شرفتي دقائق من العمر
حلم مر به قيس على بابي وقبل ترابي وجدراني وجدران جدراني !
حلم انتصر به عنترة على فرسان القبائل كي يفوز بي!
وهاأنذا افتح عيني بلا قبلة حياة من أمير تسحب السم من جسدي !
فأنا لم أكن مسمومة بك
أنا كنت محمومة بك !
( أسير بعدك في زحامهم مكتوفة الأيدي / كي لايلمحوا حجم الكسر في جناحي )
نعم ياسيدي
الرجل الذي سأودعه هذه المرة خارج الورق
والدموع التي سأبكيها خلفه خارج الورق
واليمين التي سترتفع له مودعة خارج الورق !
والوسادة التي سأبللها بدموعي خارج الورق
والضلع الذي سينكسر بي خارج الورق
وامي التي سأفر من احساس قلبها بحزني خارج الورق
ورفاقي الذين سأستر عن اعينهم اثار البكاء والسهر خارج الورق
وعذابات الورق تختلف لانها تنتهي على الورق!
فالنحت على الورق يختلف كثيرا عن النحت على الجسد
وانت كنت نحتا على الجسد !
انت وشما سأحتاج الكثير من الوقت لإزالة أثره !
وسأحتاج للكثير من الأغطية والملابس و الأقنعة لإخفائه عنهم !
وسأحتاج للكثير من الوقت كي أعود إلى قالبي القديم !
قالبي الذي كنت فيه امرأة حديدية !
فكل الأجزاء الماضية كتبتها وانا في حالة صحو ونشاط شديد
إلا هذا الجزء !
اكتبه وانا في حالة وهن وبرد شديد
برد يدفعني للتدثر بأغطية كثيرة !
لكن البرد كلما تدثرت يزداد
فبرد الفراق لايعترف بدفء الأغطية وثقلها
فاللفراق برودة تستعمر الأطراف
لهذا نحن نرتعش عند الفراق كثيرا كثيرا كثيرا!
ورعشة الفراق كرعشة الحظ
اما ان تكون انتفاضة لبداية جديدة
فتفتح لنا ابواب البدايات لننتقي منها الأنسب
او تُغلق علينا مالا عدد له من سجون النهايات!
فبعض النهايات كالمعتقلات السياسية
تنكل بنا وتذيقنا من العذاب أبشعه!
وأشعر الأنا اني معلقة من رأسي في سقف غرفة سياسية التعذيب!
فهذا الحزن يختلف عن أحزاني السابقة
فأحزاني السابقة كانت تدفعني للبحث عن صديق أفرغ في قلبه همي!
وهذا الحزن يدفعني للبحث عن مكان لايصلني به بشر!
لهذا انا اوثق النهاية الآن من هذه البقعة الموحشة !
مكان قديم
بيت مهجور
مات أصحابه وزهد ورثته بأطلال أرضه وبقايا جدرانه!
ويخيل للجالس به ان انين احدهم يصدر من هذا المكان
ربما هي ارواح عاشت هنا يوما!
واتخذت من المنزل القديم وطنا لها يصعب عليها فراقه
فبعض الأماكن كالأوطان
تغترب الارواح كثيرا حين ترحل عنها
وبعض الارواح كالطيور لاتستطيع التحليق والمغادرة بشكل مفاجئ !
وهكذا كنتُ اشعر معك!
كان يخيل الي حين اراك اني اسمع صوت رفرفة اجنحة ما في ظهري!
معك وحدك تلهفت على متابعة نمو الأجنحة في ظهري
فمعك وحدك تمنيت ان أتحول إلى عصفورة
ربما هي رغبة دفينة لملازمتك !
فالعصافير لاتحتاج لتبرير تواجدها أمام باب ما أو نافذة ما
العصافير ليست مضطرة لتغيير وجهة طيرانها خوفا ان يفتضح أمر قلبها
العصافير لاتقيدها كرامة ولا يمنعها عن وجهتها تخيل ظنون سوداء!
العصافير تنتقي الطرقات وتنتقي الأشجار وتنتقي النوافذ وتنتقي الحيطان!
كم أعشق البيوت العتيقة ياسيدي
وكلما تسللتُ الى بيت عتيق تساءلتُ
لماذا ليس للجدران القديمة أبواب ؟
ابواب سرية ندخل منها للزمن القديم
فكم أود الان الفرار الى زمن قديم
زمن تختلف خارطته عن خارطة زمننا كثيرا!
افتح عيني الان بلا ضجيج وبلا رنين
فلم يعبث أحد بمنبه أمني
فانااستيقظت بلا رنين !
فلطالما اقلقني في حكايتك الرنين
لهذا فمنذ ان احببتك وانا احرص على عدم ضبط المنبه
خشية ان اكون معك في حلم ويسرقك الرنين مني
فكنت في حالة ترقب مرعب لطلقة / لصرخة / لصوت انكسار ما / لنداء مباغت
لأي شي له قدرة ايقاظي منك بشكل مفاجىء !
ومع هذا استيقظت بلا مقدمات / وغادرت بلا مقدمات !
تماما كما أحببتك يوما بلامقدمات !
فكل شيء معك كان مباغتة بلامقدمات !
كان للبغتة دور البطولة في حكايتك !
و البغتة ترعب كثيرا
لانها لاتمنحنا حقنا الانساني في الاستعداد
لاستيعاب مانحتاج للكثير من الوقت لاستيعابه وقبوله !
لهذا فاجأني ظهور باب الخروج من حكايتك في هذا الوقت امامي !
فغادرت وأنا اضع يميني على قلبي
ويسراي تحاول التحكم في مقود السيارة
وتحجب دموعي عني من الرؤيا الكثير!
ليست المرة الأولى التي يحترق بها هذا القلب وينزوي كاليتيم المكسور بيت أضلعي وليست المرة الاولى التي تلوح بها هذه اليمين على محطات الوداع مودعة قطعة من الروح!
وليست المرة الاولى التي اتجول بها في طرقات المدينة وغزير الدموع يحجب الرؤيا عني!
ليست المرة الاولى التي أقف بها على البحر وفي قلبي صرخة حزن لايسمعها سواي!
ليست المرة الاولى التي أحاول ان أرفرف بها عاليا باتجاه قامة احلامي ويخذلني وهن أجنحتي !
وليست المرة الأولى التي أعود بها إلى منزلي مكتوفة الأيدي
كي لاتلمح والدتي حجم الكسر في جناحي!
ليست المرة الأولى التي أتسلل بها الى غرفتي واغلق الباب بالقفل مرتين متتاليتين
وكأن مرة واحدة لاتشعرني بالامان كي امارس حزنا وبكاء سريا !
ليست المرة الاولى التي اضع بها رأسي على ركبتي وأطوقه بيدي
و انتحب كأسيرة حرة تم أسرها بعد ان ضاع البلد والاخ والولد !
لكن الفرق هذه المرة ان كل هذه الطقوس ستكون خارج الورق!
فللمرة الأولى سأقف على محطات الوداع خارج الورق!
للمرة الأولى سأخرج من باب حكاية خارج الورق!
للمرة الأولى سأفارق بطل الحكاية خارج الورق!
((يوما ما / سأشكرك يوما على الصمت بيني وبين نفسي ))
لازمتني أمنية الفرار الى زمن قديم منذ الصغر
فعشقت رسم الخرائط الخيالية كثيرا
وكثيرا ماتخيلتُ هذا الكون بألوان مختلفة ووجوه مختلفة
وزمن مختلف !
زمن لايصطحب أهله أجهزتهم المحمولة في مشاويرهم كأطفالهم!
زمن لانحرص به من التأكد من وجود هواتفنا المتحركة في حقائبنا قبل الخروج من المنزل!
وعند اكتشاف نسيانها نعيد طريق العودة غير مبالين بما قطعنا من مسافة على الطريق!
زمن لاتضعف فيه قوة أبصارنا امام شاشاته المتعددة !
زمن لاتتحول فيه علاقاتنا وجلساتنا وحواراتنا وتهانينا ومجاملاتنا وطقوس حياتنا الاجتماعية الى مجموعة من المسجات الهاتفية !
زمن لانستيقظ فيه قبل النور كي نضع بصمتنا في جهاز الحضور قبل اغلاقه!
زمن لايؤدي طريقه الخلفي الى البقالة التي نحرص على شراء الصحف اليومية منها بكل مافي الصحف من هموم واحزان واحباطات !
باختصار
أتمنى تغيير الخارطة الجغرافية للحزن في داخلي !
فخارطة الحكاية هذه المرة واقعية
فصول وطقوس ورجل وطرقات واطلال
ألم احدثك عن الطرقات وجنون الطرقات؟
ألم ابح لك من قبل اني امتلك في هاتفي المتحرك لك الكثير من الصور التي التقطها لك على غفلة منك ؟
كنت كطفلة مشاغبة أستتر على طريق سيرك لألتقط لك الصور !
وكنت اتخذ من الصور زادا لقلبي في أيام غيابك!
كنت أشعر احيانا بالذنب!
لكن سرعان مايتلاشى الاحساس بالذنب تحت رياح الفرح بصورتك!
لماذا احيانا يتحول حديثنا الختامي الى اعترافات اقرب للاعتراف بالذنب
وكاننا نود قبل الرحيل من الحكاية الاستغفار عن ذنوبنا بالاعتراف بها
لكنك لم تكن ذنبا
والله لم تكن ذنبا
لم يمهلني الوقت بتسجيلك رسميا في صحيفة ذنوبي
فأنا احببتك بطهر / وغادرتك بطهر !
لااحمل منك بيميني شيئا ولا حتى خفي حنين !
كنت أحترم المسافات بيني وبينك حتى في خيالي
كنت كصنم التمر اسهر الليل عليه
و لا أجرؤ عند الجوع على تذوق طعمه !
كنت كحنين الطفولة الذي افر به الى منزل عائلتي القديم
ولطالما فررت باحساسي بك الى هناك
وعند عتبة باب منزل جدي ادركت انك عاطفة حقيقية واحزان حقيقية
فقدسيتي لهذا المكان
كانت تمنعني من التسلل اليه بنزوات عابرة في قلبي
لم اكن اتكئ على جدران هذا البيت الا بجرح حقيقي ووهن حقيقي !
وقد اتكأت بك عليه !
أتعلم ؟
كل شيء في هذا المنزل علاه الصدأ
الابواب الكبيرة الاقفال / حديد الشبابيك / براويز الصور / ارجل المقاعد
إلا الأمان !!
فمازال الأمان في هذا المكان اخضر القلب واللون!
ومازال الصغار الذين كبروا يتسللون الى هذا المكان بحكايتهم الحقيقية
الحقيقية فقط !
فلااحد يدخل الى هذا المنزل باحساس واهم او حكاية عابرة
فهذا المكان كان لنا يوما حضن أم طاهرة !
ومن الصعب ان نسكب في حضن الأم مشاعر طريق عابر او حكايات ملوثة بالطيش
وليتك كنت حكاية طيش !
تبدأ برسالة مراهقة وتنتهي بعصا مؤدب
ليتك كنت جرح اولي !
تتوالى عليه جروح الأيام فلا تُبقي منه اثر
ليتك كنت عرقلة طفلة في تجربتها الأولى للمشي
تكبر فتنسى العرقلة والسقوط والجرح!
مازلت أبحر بأحزاني على الورق !
ومازلت في حالة صحو مرهق !
والصحو المرهق يدفعنا للثرثرة أكثر ممايجب ويحق!
وقد اخبرتك يوما وانا في امس حاجاتي لدفء قلبك !
(اننا لاننام حين نكون في قمة الحزن أو قمة الفرح )
أردتُ بطريقة ما ان اخبرك انني منذ ان أحببتك وأنا في حالة صحو !
وكانت كلمة منك جديرة ان تهديني نوما مريحا بعد ليال مرهقة من التفكير!
فجاءني ردك كسقوط كتلة الملح على جرح مفتوح
(لاينام الا خالي البال)
فتداركت ألمي قبل ان ينسكب امامك
واستأذنتك بالرحيل كي انام!
اردتُ ان اؤكد لك قدرتي على النوم
وان انفي عني تهمة انشغال البال!
اردت ان اثبت لك اني خالية منك
في الوقت الذي لم أكن متضخمة به إلا بك !
اردت ان احتفظ بآخر قوة تسعفني على الوقوف امامك صامدة!
فبرودة مشاعرك كانت تؤلمني
كانت مؤلمة جدا كانسكاب الثلج على جسد مشتعل
كانت برودتك تحولني دائما الى حي مجبر على ان يؤدي دور الميت بجدارة
فيعيش كل طقوس الغسل والدفن والصلاة عليه!
أتتقن صلاة الميت ؟
اذن توضأ للصلاة وأقمها علي
فالى هنا انتهت الحكاية وانتهيت أنا !
لن يتبع !