الأربعاء، سبتمبر 25، 2024

 من قال أن الحروف خطوط عشوائية تجتاح بياض الورق

من قال أنها صامتة

لا يعرف حروفك أنت

لم يسمعها وهي تهمس لي ( ماذا تفعلين يا قطتي المشاكسة؟)

لم يلحظها وهي تمسح دموعي

لم ينتبه لها وهي ترتب خصلات شعري المبعثرة

لم يرها وهي تمسك بيدي تساعدني على النهوض كلما تعثرت

وحدي فقط أشعر بها

حروفك هي أنت الغائب الذي لن يعود

رحلت أنت وبقيت هي

كيف للحرف أن يكون أوفى من صاحبه؟

هل كنت نجوت لولاها؟

حروفك منقذي

سنوات طويلة انقضت وأنا رهن انتظار عودتك التي لن تكون

كانت هي شاهدة على انهياراتي

ليالي مرعبة مررت بها

نهارات أشد ظلمة عشتها

بكاء لا ينتهي

صراخ لا يصمت

وجع لا يرأف بقلبي

وحدها كانت هنا

تلملم تبعثري

تطمئن خوفي

كانت حضنك الذي أحتاجه

كانت صوتك الذي أتعطش اليه

كانت عيناك التي أشتاقها

كانت دفئك الذي أتوق إليه

كانت وستبقى

حروفك أنت

الحبيب الذي هجر

الصديق الذي تخلى

أنت

الوطن الذي نفى

برغم خذلانك لي

برغم خيبة أملي بك

ممتنة لك

لأنك تركتها لي

لأنها منك

تحمل رائحتك الغالية

ممتنة لك

لأنها أحرفك

وأنا كنت حرف لم ينتمي يوما للغتك

وكنت لغتي الوحيدة

لست أدري

هل أدعو لك

أم أدعو عليك

كل ما أرجوه أن لا تؤخذ بذنبي

لأنك وقتها ستعرف الجحيم الذي وهبتني له يا نبض روحي


ناديا



الاثنين، سبتمبر 23، 2024

 كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشر مساء

لم يسبق لي أن غادرت منزلي في مثل هذا الوقت

لكن في هذه اللحظة لا قدرة لدي لتقييد تصرفاتي ضمن المنطق

لم أكن قادرة على وزن الأمور كالعادة في ميزان الصواب والخطأ

أريد فقط أن أتنفس

القيت بجسدي المضطرب داخل السيارة

اللحظات التي استغرقها باب الكراج ليرتفع كانت كافية لتفاقم اختناقي

طرت بالسيارة

لم اكلف نفسي عناء الاطمئنان أن البوابة انغلقت خلفي

لا أقصد وجهة معينة

فقط أريد أن أتحرك

خرجت من الحي

من المدينة نفسها

إلى أين تمضين؟

لا أعلم

ماذا لو أغمضت عيناي للحظات

ماذا لو حررت مقود السيارة من يدي

أريد أن أتنفس

فقط أريد أن أتنفس

كم من الوقت مضى

لا يهم

عدت إلى المنزل

هذه المرة رأيت البوابة وهي تنغلق على عالمي الذي لا يتعرف علي

بقيت لوقت بلا هوية داخل السيارة

ضجيج يقلق روحي

ضجيج لا يرعب سواي

ماذا تريدين؟

كم احقد علي

كم اكرهني

لما أعجز عن الحياة بشكل طبيعي كغيري

لما أنا بهذه البشاعة

رحت أتأمل منزلي من الخارج

كل حجر فيه شهدت لحظة استقراره على هذه الأرض

كل تفصيلة من تفاصيل هذا المنزل أنا من اوجدتها

هذه الجدران

هذه الأبواب

النوافذ

الحديقة الجميلة

كل شيء هنا أنا منحته وجوده

فلما انا لست هنا؟

اختنق

اريد ان اتنفس

يوما سأندم أني عجزت عن الاستمتاع بكل ما لدي

اعلم هذا

الآن لا استطيع الاستمتاع بشيء

أريد لكنني لا أعرف كيف وانا اختنق بهذه الوحشية

طويلة هي الحياة التي عشتها

ليس بعدد سنواتها

بل بأحداثها

يا الهي كم عشت

جررت جسدي إلى الداخل

رحت ابحث عنك بين اكوام رسائلك

علني اتنفس حين أغرق نفسي داخل احرفك

ومضيت اقبل احرفك بروحي

وحدها رسائلك قيدي الذي يربطني بهذا العالم

و اسمع صوتك يوبخني

لا تنتظري المفقود

انعمي بالموجود

أشعر بغضبك الصامت من هزيمتي

اتجاهله واكمل قهوتي

واتساءل اتراك ما زلت مخلصا لقهوة منتصف الليل؟

اكمل قهوتي واثرثر عليك بحماقاتي

وافاجئك بنوبات بكائي الهستيرية

لكن لا شيء يخرجك من صومعة صمتك

واعتنق الصمت محبة لك

واحمل ما بقي مني القيه على سرير بارد كبرودة قلبك

غدا أستأنف محاولات النجاة من الاختناق القهري

سأحاول الاستمتاع بالموجود

سأحاول عدم انتظار المفقود

سأحاول أن أعيش

تسويف كلها حياتي


ناديا