الأربعاء، ديسمبر 04، 2013

من خلف النافذة

انتهت من اغلاق حقائبها بعد جهد جهيد ،، جلست بجوارها تلتقط أنفاسها ،،
أسقطت رأسها على ركبتيها وراحت تفكر
// من يغلقني على محتواي المكدس بي؟//
حملت جسدها المثقل بكل ما فيه ،، راحت تجره نحو المطبخ ،، ملأت البكرج بالماء ثم ألقت به على نار مرتفعة ،، أخذت تقلب البن في الماء وهي تتمتم بصوت مشحون  بمشاعر لا هوية لها
//أكره مراسم العزاء وطقوس الموت ،، لا أطيقها وها أنا أسافر اليوم لأشيع الميت الثالث في أقل من شهر !!تبا //..
حملت قهوتها واتجهت إلى غرفة المكتب ،، تناولت كتاب من على رف المكتبة (الوصايا المغدورة للكاتب ميلان كونديرا )
ألقت بجسدها على كنبة تستند على مكتبة قديمة ،، كانت لها وقت كانت تظن الكتب المتكدسة دليل براءتها من أنوثتها !!
أنوثتها التي لا يُعترف بها إلا زوجة وأم ..
أخذت تقلب صفحات الكتاب بـ عشوائية ،، عقلها لا يستقر ولا يهدأ ،، عبثا أن تسيطر عليه..
وضعت الكتاب على الطاولة أمامها // سأقرأه في الطريق//
أشعلت سيجارة وراحت تشرب قهوتها ،،،
كان الهواء المندفع إليها من خلال النافذة التي على يمينها ثائر جدا،،
حلقت عيناها نحو السماء المتوارية خلف النافذة ،، ذات السماء عما قليل ستصحبها في سفرها ،،،
ستراها من خلف نافذة أخرى ،، العالم كله بالنسبة لها صور في إطار نافذة !!
لا ترى منه إلا ما تكشف عنه النافذة ؟! .. لا تعرف عنه إلا الجزء الذي تسمح به النافذة ..
تسلل صوت أخيها وهو ينهر ابنته الصغيرة عن أمر ما ،، تسلل إليها من خلف النافذة أيضا،،
أصوات السيارات ،، حركة المارة،، ضجيج الشوارع،، تساقط المطر ،، كلها أشياء لا تربطها بها سوى النوافذ؟!!..
النوافذ صلتها الوحيدة بهذا العالم ،،،
حتى أحرفها وهي الكاتبة ،، أحرفها لا تطل على العالم إلا من خلف النوافذ..
نافذة إلكترونية ،، ورقية ،، لا يهم ،، المهم أن لا تغادر حدود النافذة  حتى لا تحل  عليها لعنة مخالفة العرف والعادة؟!!!
لسعت السيجارة لإصبعها جعلتها تسحب عيناها من خارج النافذة مرغمة ،،
عادت تكمل شرب قهوتها مشعلة سيجارة أخرى ،،
نظرت إلى النافذة وراحت تسألها ساخرة // هل تعرفين أني خلفكِ؟؟ //

ناديا الشراري
الأربعاء 30 أكتوبر 2013م