إلى صديق

قوية

الكل يراني أنثى قوية؟!

أقوى من أن تحتاج لأحد سواها

لست أعلم من الذي اخترع هذه الكذبة ؟

في أوقات كثيرة أكاد شخصيا أصدقها!!

لكنني الأكثر معرفة بي ،، أو ربما أكون كذلك،، أرجو ذلك فلا أحد يعرف ذاته كما ينبغي وبالقدر الكافي الذي يؤهله ليتبجح بذلك...

من معرفتي المتواضعة بي يمكنني القول أني قوية وفق ما يظنون بي

أما أنا فلست من القوة بشيء

من الصعب جدا البوح بذلك لأحد ممن صدقوا الكذبة

لذا كنت أعاني دوما من تبعات كذبة لا يد لي فيها

قديما كان لدي صديق

وحده من لم يصدق الكذبة

صدقني أنا فقط

حين كنت أتساقط بين يديه من فرط ضعفي البشري

كان يتلقفني بتقبل بحجم السماء

وطبعا (أتساقط بين يديه) ليست سوى مجاز لا واقع ،، فعلاقتي به لم تتجاوز صفحات الكترونية كانت أكثر حياة من الحياة...

ليس

ذاك الصديق كان لي المهرب الوحيد من الوجود بكل ما يثقل به روحي منه

صباحا،، مساء،، في أي وقت كنت أجده

سعيدة،، حزينة ،، على أي حال كنت ألقاه

لم أكن يوما مضطرة للتجمل أو التظاهر أمامه

معه فقط كنت بلا أقنعة

لكن

شاءت الحياة أن لا يكون

غاب يوما ولم يعد

من حينها ما عاد شيء يطاق

لم يتغير حولي أو بي شيء

فقط كان ما حولي وما بي في حضوره لا شيء ...

ليكن

ما عدت أفتقده اليوم

فقد افتقدته سنوات حتى فقدته

من يمتطي الغياب لا يعود

فليكن

اليوم قررت أن أختلق صديق لي

هنا

أيضا في عالم افتراضي

على صفحات الكترونية

الغريب أني قررت ذلك اليوم

في مثل هذا اليوم غاب صديقي الذي كان

أهي مصادفة؟؟

لأكون صادقة بعض الشيء ،، لن ألقي على المصادفة عبأ هذا القرار

فمنذ قليل وقعت عيناي على الرزنامة

على تاريخ اليوم

12 سبتمبر

شعرت أن يدا خفية اخترقت صدري وأحكمت قبضتها على قلبي حتى كادت توقف نبضه

لكن دموعي فاضت عليه تنقذه من الموت اختناقا

يا إلهي

كم كنت بحاجة للبكاء

المهم

بعيدا عن تاريخ لا يملك قدرة إيقاف عجلة الأيام

وهربا من ذاكرة حقيرة أعرفها

أعود إلى صديقي المختلق هنا

سأضيف له ما أشتهي من صفات

و أخلع عنه بشريته

فقط لأضمن أن لا يغادرني هو أيضا ذات خذلان

سأكتب له ما أريد

وقتما أريد

وكيفما أريد

أريده أن يسمعني فقط دون أن يملك حق الرد علي

صديقي العزيز

هل لي بدقيقة من وقتك؟؟؟

ناديا

السبت 12 سبتمبر 2015م

الواحدة صباحا

صديقي العزيز

مساءك كـ أنت ،، دافئ حنون

لست أعلم لولا وجودك ماذا كنت سأفعل

مراسلتك تبقيني على صلة بالحياة

الحياة التي خذلتني بزيف وعودها يا صديقي

ما ظننت أنها ستكون على هذا القدر من الجفاء و أنا التي أقبلت عليها بكل ما بي

لا أريد أن أزيد من انشغالك وقلقك

صدقا أنا بخير

لكن الوحدة تقتلني

أحتاج لمن أتحدث إليه

لمن أشكو له

أبكي أمامه

أضحك

أتهور

أمارس كل جنوني دون تحفظ وقيود عشت عمري بأكمله أحاربها

أحتاج لمن أكون معه كما أنا

لمن يتقبلني كما أنا

دون أن أخشى تشوه صورتي في نظره

صورتي التي اخترعها هو بما يتناسب مع مقاييس البشر التي يعتمدها في حكمه عليهم

أريد من يشاركني شغفي بدرويش

فنجان القهوة على صوت فيروز

ساعات الليل بحضرة كوكب الشرق

أريد من يقرأ معي كتبي التي أحب

من يناقشني فيها

أريد من يلتهم معي الحياة كما أشتهيها

حتى وإن بدت له حياتي تافهة بكل تفاصيلها

أريد شموع تحترق

ورود حمراء ترقص

وردة واحدة تكفي

ما زالت الوردة الحمراء أمنية

أريد رفيقا لمشاويري التي أطيلها قدر المستطاع هربا من العودة لجدران مقيتة

أريد لحياتي نبض

لا أطمع بشيء أكثر من نبض لحياة ما زلت أملكها لعدم الموت

صديقي العزيز

كن بخير لأجلي

صباحك هدوء تام صديقي العزيز

الهدوء هنا الليلة إجباري لا اختياري

فزوجي الحبيب منذ ساعات غارق بين أوراقه في – المافيا –

هذا هو الاسم الذي نطلقه على غرفته ،، صدقا هي أكثر شبها  بمقر لزعيم مافيا منها لمكتب شاعر  ،،

لذا من حين دخوله المافيا والهدوء فرض نفسه تلقائيا على كل شيء ،، بالكاد أستطيع استخدام الولاعة لأشعل سيجارة L

بناء عليه لا يمكنني القيام بشيء سوى التحدث إليك ،، فكل فعل سواه هو مصدر ضجيج ،، أما الحديث إليك فهو ضمن حصار الهدوء المفروض علينا الليلة،، أرجو فقط أن لا تخترق ضربات أصابعي على الكيبورد هذا الحصار فتطالنا لعنة نحن في غنى عنها ..

صديقي العزيز

بدا هذا اليوم واعدا بالكسل والخمول ،، رغم كل فناجين القهوة ومشروبات الطاقة إلا أني بقيت مشدودة لسريري أغلب ساعات النهار ،، سعدت ببعض الرسائل الطيبة من قراء لمدونتي ،، وكنت أكثر سعادة برسائل صديقة غالية جدا وددت لو استطعت التواصل معها لنلتقي ،، هي هنا كما فهمت في عمان لكن لم يشأ القدر لقائنا ..

لم أستعد نشاطي إلا في المساء ،، كائن ليلي أنا ،، كهذه المدينة العجيبة ..

ارتديت ملابسي وقررت الخروج للمشي قليلا ،، كنت أيضا أفكر بزيارة العزيزة – إحسان – فهي الوحيدة التي أعرفها في هذه الغربة ،، لكن وجدتني أدعو زوجي لتناول القهوة في الخارج والمشي قليلا ،، وصدقا لا أعلم كيف قبل !!

كانت أمسية لطيفة يا صديقي ،، مشينا حتى – استقلال مول – فهو قريب بعض الشيء من مسكني ،، تنقلنا بين المحلات قليلا ،، كنا ننوي اللعب إنما تراجعنا كون جميع الألعاب للأطفال فقط J

لم نتناول القهوة لأني شعرت بالجوع فجأة ،، لذا كانت دعوة على عشاء خفيف ولذيذ ،، بعدها عدنا كما ذهبنا،، مازال الهواء ثقيلا لكن الليل في عمان ساحر جدا،،

أضواء الشوارع والسيارات ،، الأرصفة والأشجار المترامية على أطرافها،، الناس ،، الضجيج ،، جمال يجعلك مذهولا..

تمنيت لو أن الطريق لا ينتهي ،، لو أن بيتنا يبعد ويبعد حتى نكاد لا نصله،، كم هي مستحيلة أمانينا على بساطتها ...

صديقي العزيز

كن بخير لأجلي

صديقي العزيز

كيف أنت؟

اشتقت إليك كثيرا رغم أنه لم يمض وقت طويل على آخر لقاء جمعنا،،

يبدو أنني يا صديقي سأعاني الشوق إليك وأنا في حضرتك ...

لقائي بك هو حديث لا تحكيه كلمات

معنى لا تصوره الصور

لا لغة تملك قدرة البوح بما يحدث لي ساعة ألقاك

لكن

دعني أحاول

بعض المحاولات مريحة وإن بدت فقيرة جدا

هناك

بيتي

هناك

في وطن غادرت حدوده منذ أكثر من سنة

هناك

حيث أقف في المطبخ أعد قهوتي ،، وصوت صغيرتي – جنا – يتعربش الجدران ليتسلل إلى نافذة المطبخ،،يقتحم المكان علي وهي تناديني بأحب الأسماء لدي – نادي – أحببته لأن شفتيها لم تتمكن من لفظ اسمي إلا هكذا– نادي- وأتجاهل صوتها الملائكي فقط لتظل تردد –نادي- طويلا لترتوي روحي بعذوبة الأحرف المنسابة من شفتيها الرقيقتين ..

هناك

أمي

ابتهالات عيناها الحنونة وهي تحيط خطواتي و أنا أنزل الدرج إليها ،، فرحة ملامحها بقدومي وتساؤلاتها التي لم تصلني يوما رغم أني أعلمها دوما – أنتي بخير؟-

بخير يا أمي كنت ،، يوم كنت في مدارك الذي يملأ روحي طمأنينة وسكينة ،، بخير كنت يا أمي ..

هناك

إخوتي

كنا لا نتفق إلا فيما ندر ،، لكن بيننا دوما اتفاق لا معلن بأننا برغم كل شيء أخوة ،، بأننا دم واحد ،، نبض واحد،، بأننا معا حتى يتوقف النبض وتجف الدماء...

هناك

بيتنا الذي أعرفه،، من رائحة القهوة صباحا ،، من رائحة طبخ أمي ،، من رائحة البخور مساء وهو يتصاعد من مبخرة تحملها أختي وتدور بها في كل الزوايا والأركان...

أترى يا صديقي

كل هناك أنت تجعله هنا

بكل الحنين إليه

بكل التوق

بكل الأمان

صديقي العزيز

هل نجحت محاولتي ولو قليلا ؟؟؟

صديقي العزيز

كن بخير لأجلي

20 سبتمبر 2015م

06:30م