الثلاثاء، أغسطس 21، 2012

الوجه الآخر للنسيان


ذات يوم كتبت تعليقا على كتاب ((نسيانcom.))
الذي أتحفتنا به  أجمل نساء الأرض السيدة // أحلام مستغانمي//
كتبت كلمات كثيرة ترفض الاعتراف بالنسيان كحقيقة يمكننا بلوغها ذات أمل وبعد جهد وصبر وحرب طاحنة بيننا وبين ذاكرة تشقينا بمحتواها منهم...
كان من ضمن ما كتبته وقتها   ((لا وجود للنسيـــــــــــان سيدتي....
فنحن نعيش بذاكرة أُودعت لدينا أمانة!!!))
وقتها كنت مؤمنة جدا بأن النسيان وهم نداري به فجيعتنا بفقدهم...
أبدا ما آمنت يوما بوجود نسيان يجردنا منهم ...
لكن هذه المرة الوضع يختلف جدا..
لأني أنا بت أختلف عني كثيرا...
لا يعني هذا أني كفرت بما كنت مؤمنة به..
فحتى اليوم لا زلت أرفض الاعتراف بقدرتنا على نسيانهم..
نعم حتى اليوم أصرح  بأن لا وجود للنسيان...
لكنني  تعرفت على وجه آخر  للنسيان..
يتيح لنا فرصة الهروب من معتقلات الذاكرة ...
فرصة التحرر من عبودية أشيائهم المهيمنة علينا ..
التحرر من أصواتهم وأنفاسهم وملامحهم التي  نشتاقها و لا تجيء ...
التحرر من طرقات الحظ ومنعطفات الصدف التي قد تحملهم إلينا...
التحرر من مقاعد الانتظار التي نهدر عليها سنوات العمر وفرصه...
لن ننساهم..
لا شك في ذلك ومن يقول غير ذلك كاذب كذب بين ...
لا حاجة لنا بأن ننساهم...
كل ما نحتاجه حقا أن نتخطاهم...
لا تحاولوا النسيان فالعمر سيضيع هباء في محاولاتكم الفاشلة..
ربما كانت هذه هي المشكلة الحقيقية..
مشكلتنا أننا نفكر دوما كيف ننساهم...
الذاكرة عدو لا قدرة لنا على مواجهته والتصدي له..
لا تقفوا وجها لوجه أمام ذاكرتكم...
اعلنوا السلام بينكم وبينها...
محاولات النسيان التي تخوضونها ببسالة هي أكبر تحدي منكم للذاكرة...
والذاكرة لا تقبل التحدي...
تصالحوا معها...
اقبلوها كما هي بكل محتواها...
اخجلوها بكرم ترحابكم بها...
وقتها فقط ستكف عن التحرش بمواجعكم ...
وقتها سيتوقف غزوها الغاشم على أرواحكم...
الذاكرة تحاربنا ...
لا تحاربوها لأنكم الطرف الخاسر في هذه المعركة...
قلت لكم لا نحتاج أن ننساهم بل أن نتخطاهم...
فإن كنتم مستمرون في محاولات النسيان كيف تنسوا؟؟
// وفضلت أفكر في النسيان.. لما بقى النسيان همي..((أحمد رامي)) //

كيف تنسوا وأنتم تنبشونهم من مدافن الأمس؟؟
دعوهم يرقدون بسلام في ذاكرتكم...
لا تفكروا بهم عمدا وإن حصل وفكرتكم لا تستاؤوا أكملوا التفكير بهم للآخر ..
لا تقاوموا هجومهم المفاجئ على أفكاركم...
سايروهم إلى الآخر...
لا تتعمقوا بهم كثيرا..
فتشتاقوا وتحنوا وتضعفوا...
ولا ترفضوهم بعنف فتشتاقوا وتحنوا وتضعفوا أضعاف ما تتمنوا..
أضعاف ما تستطيعوا حمله ...
حين يعبرون أفكاركم أنصتوا لعبورهم بكل حواسكم...
ورددوا بصوت لا يسمعه سواهم
//ارقدوا بسلام.. ارقدوا بسلام//
هي لحظات وربما دقائق وينتهي مرورهم بكم بسلام...
ليعودوا من جديد إلى قبورهم آمنين..
وتنغلق عليهم الذاكرة بصمت تام...
هنا فقط تكونوا قد وصلتم مرحلة التخطي..
هذا هو الوجه الآخر للنسيان..
بل هذا هو المعنى الحقيقي والأصح للنسيان...
أن ننساهم لا يعني أن نحذفهم من ذاكرتنا لأننا لا نملك ذاكرتنا بل هي من تملكنا...
أن ننساهم يعني أن نتخطاهم .. ندعهم يرقدون في ذاكرتنا بمحبة وأمان...
اكرام الميت دفنه..
أكرموا موتاكم ...
حين نصل مرحلة التخطي نكون وصلنا بر الأمان...
وقتها يمكننا مواصلة الحياة كما يليق بالحياة...
نكمل طريقنا بيسر وسعادة...
أبقوهم داخلكم..
أمواتا أعزاء..
رهن ذاكرتكم..
خيرا من أن تبقوا أنتم رهن ذاكرة لا ترحم ولا تصمت...
اتفقنا على التخطي ..
هذا يعني أننا اتفقنا على أن من قررنا تخطيهم هم أموات يرقدون بسلام في ذاكرتنا أليس كذلك؟؟؟
إذن ليكن تخطينا لهم كامل ..
وليكتمل يجب علينا أن نتخلص من كل أشيائهم التي خلفوها لنا..
كما نفعل حين يموت أحدهم..
نتصدق بملابسه ونتخلص من كل أشيائه ...
لا تترددوا للحظة في التخلص من كل ما يخص موتاكم...
لا تتذرعوا بالوفاء لذكراهم ..
الوفاء للأحياء أوجب أن يكون منه للميت..
كونوا أوفياء لأنفسكم...
تخلصوا من كل ما يعلق به شيء منهم ولهم...
أعلم أنه قرار مؤلم لكم ..
لن أكذب عليكم وأقول لكم أنه من السهل التخلص من أشيائهم ..
بل هو صعب جدا..
أصعب مما تتخيلوا..
لكن لا بد من الصعب لتهون الحياة بعد ذلك علينا ...
ستواجهون فيض ألم لا ينقطع ..
لحظة تبدؤون التخلص من أشيائهم..
ستشعرون بأنكم تتمزقون
بأنكم تحترقون
صدقوني إحساس يصعب علي وصفه..
أنتم أيضا حين تعيشونه لن تستطيعوا وصفه ...
حين قررت التخلص من أشيائه لم أطل التفكير بقراري وأنتم أيضا لا تطيلوا التفكير لأنكم قد تترددون وتضعفون عن التنفيذ...
لا تفكروا فقط نفذوا..
هكذا فعلت...
وللأمانة  يجب أن أنبهكم لما ســ تواجهون بعد التنفيذ...
وحوش  الندم ستنهشكم
تعتصر قلوبكم
وستبكون كثيرا
وتنهارون
كما لو أن الذي مات أنتم
كما لو أن الأشياء التي تخلصتم منها هي بعض أنفسكم...
ستشعرون بالحسرة واللوعة
ستعانون الاختناق والضيق
ستعرفون معنى الضياع والتشرد  و اللا انتماء لشيء...
نعم كل هذه العذابات المقيتة ستعيشونها وربما أكثر ...
لا تيأسوا لأنكم بعدها ستفقدون قدرة الألم
ومعنى الندم
وأبدا لن تعرفوا بعدها للحزن هوية...
أتعلمون
حين تخلصت من أشيائه شعرت أن جزء مني قد بتر...
بتر مني وأنا في كامل يقظتي واحساسي ...
كان لا بد من بتره قبل أن أموت مسمومة به...
وللأسف عملية البتر هذه لا يسمح فيها بمخدر ولا مسكن بعدها...
عايشت تفاصيل البتر كاملة ...
عرفت لحظتها معنى أن نموت ونحن أحياء...
لكن بعدما تمت عملية البتر  ,,, ها أنا أمامكم بكامل عافيتي ..
مثلي ستعيشونها بكل آلامها ومثلي ستجتازونها معافون...
كل شيء في بدايته مؤلم لكن الألم مع الأيام يتضاءل ..
ليجيء يوم نذكره كما لو أنه ما مر بنا ...
دعوا للأيام حق مداواتكم..
هي كفيلة بذلك...
قد ترفضون ما قلت
وربما تقولوا /كلام فاضي كان غيرك أشطر/
لا بأس فقد قلتها قبلكم
ولكن  لنفكر بصوت مرتفع
ما معنى أن نعيش في انتظار من لن يعود يوما؟؟؟
ما معنى أن نحزن ونمرض ونحتضر وقد نموت  من أجل من لا يشعر بنا؟؟؟
ما معنى أن نهدر من العمر سنوات ومن السعادة فرص لن تعوض من أجل من تركنا خلفه دون أن يكلف نفسه عناء الاعتذار لنا ؟؟؟
لا معنى لكل هذه المواجع والخسارات صدقوني..
والأهم من كل ذلك اسألوا أنفسكم من الأغلى عندكم هو أم أنتم؟؟؟
سأخبركم بحقيقة قد يؤلمكم سماعها كما آلمني التوصل إ ليها
برغم الألم هي حقيقة والحقيقة أولى أن تصدق
//من تخلى عني أنا أرخص عنده من أن يحتفظ بي//
وأنتم وأنا لسنا رخيصين عند أنفسنا ...
بل نحن أغلى من أن  نهدر أنفسنا على أعتاب من أغلق أبوابه في وجهنا...
أغلى من أن نستجدي الحب والانسانية..
لا تظنون أني أحرضكم على كراهية من قررنا تخطيهم ..
لا ورب السماء فهم برغم كل  أذيتهم لنا وقسوتهم علينا يبقون من نحب وإلا لما كنا اليوم نعاني ..
كل ما قصدته هو أن أوقظ كرامتكم وكبريائكم  فقط لتتمكنوا من تخطيهم مع الاحتفاظ التام بمحبتكم لهم بشرط أن لا تتخطى تلك المحبة  محبتنا لموتانا ...
صدقوا
اقتنعوا
قرروا
نفذوا
وتخطوا
وبعدها.. كلما مروا بكم رددوا
//ارقدوا بســـــــــــلام//
وعيشوا أنتم بســـــــــــــلام....
//ليس المهم أن ننساهم ..لكن الاهم ألا نحتفظ بهم في اعماقنا ,ذكرى مظلمة,, تطفئ استمرارية الحياة بنا..            ((شهر زاد الخليج))//

كيمياااء إمرأة
الثلاثاء 21 أغسطس 2012م
05:50 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق