الجمعة، أكتوبر 17، 2025

 

عطب في الذاكرة

محاولات مستميتة لالتقاط بقايا صور ممزقة في ذاكرة تحتضر

ذكرياتي بأكملها كلمات متقاطعة

أحرفها باهته

عبثا أحاول بكل قواي تكوين جملة مفيدة

قد يبدو للبعض أن فقدان الذاكرة هبة من الوجود

أتفق معهم أنه من الآمن نسيان بعض الذكريات خاصة البشعة منها

لكن في حالتي أنا لا أجدها هبة

بل هي لعنة

لا يمكنكم تخيل ما أعانيه لأتعرف على ذاتي وأحدد طبيعة العلاقة بيني وبين محيطي في الوقت الذي تخذلني فيه ذاكرتي المريضة

كيف كنت؟

ما الصلة بيني وبين س من الناس؟

كيف كانت مشاعري اتجاه س من الأحداث؟

في ضل هذا الضياع لا يمكنني تحديد ماهية وجودي

لا أملك هوية يتعرف من خلالها العالم علي

لا أملك هوية أقدم بها نفسي للعالم

قلة يعرفون الكارثة التي وجدت نفسي وجها لوجه أمامها

بعد تعرضي لتلك الحادثة

حاولت من خلالهم معرفة الماضي

ما يخبرونني به يبدو غريبا عني

الفاجعة الحقيقية أن ذاكرتي لم تُسقط الماضي فقط

لكنها تتجاهل الحاضر أيضا

مرعوبة جدا أنا أمام هذا التشوه

كل لحظة أعيشها أحاول حفظ تفاصيلها خوفا من فقدها غدا

تساؤلات كثيرة تنهش عقلي

أكثر سؤال أعانيه هو كيف للمشاعر أن تتلاشى بتلاشي الذاكرة؟

هل العاطفة مقرونة بالذاكرة؟

بفقد جزء من ذاكرتي فقدت تعريف مشاعري اتجاه اشخاص لا ينبغي أن أفقد شيء يخصهم

مؤلم هذا الوضع حقا

لم يعرفوا

لكنهم يستغربون تصرفاتي معهم

وحدي من تدرك أنني لا أعلم كيف يفترض بي التعامل معهم؟

لكن ثمة شخص أشعر أنه جمعنا ماض لا يمكن لأي تشوه في الذاكرة أن يطاله

غير أنه للأسف لم ينجو

لا أذكر ما كان بيننا

لكنني أشعر نحوه بمشاعر قوية لا أفهمها

تواصلت معه دون أن أخبره  بما حل بي

رحب بي وتحدثنا كثيرا

طلبت منه أن أسمع صوته

داخلي شيء يؤكد لي أنه نقطة فاصلة في حياتي

أريد أن أعرف

لحظة سمعت صوته شعرت بزلزال نفسي مرعب

رجفة هزت جسدي

بكاء هستيري

نبض صوته في أوردتي أكد لي أنه لم يكن شيئا عابرا في حياتي

أخبرته بمأساتي

طلبت منه أن يحدثني عنه وعني

طلبت منه أن يعرفني علي

كل حرف يغادر شفتيه كان يؤلمني

صوته آمن كوطن

لكن ذاكرتي كانت ترفض الرضوخ

لا زلت أجاهد ضد النسيان

معركتي شرسة

دفاعاتي ضعيفة

ماذا أفعل لأجد تلك النسخة مني؟؟؟؟؟

ناديا الشراري

17 أكتوبر 2025م

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق