الخميس، أغسطس 11، 2011

نزيف في ذاكرة أنثى متوحشة






نزيف حاد في رحم الذاكرة
حالة أقف أمامها في مواجهة محزنة منذ يومين
لا أقوى على إيقاف النزيف
ولا هو يتوقف...
هل الذاكرة أنثى؟؟
بما أنها تنتهي بتاء التأنيث؟
أم أنها تستمد أنوثتها من امتلاكها رحم؟؟
رحم قابل للنزف
وإن كانت أنثى فهل ينطبق على رحمها ما ينطبق على رحم الأنثى حين يعاني نزف حاد؟؟
الأنثى حين يستأصل رحمها  تصبح عاجزة عن إنتاج  أجنة
فما هو حال ذاكرة استؤصل رحمها؟؟؟
يستمر النزف
لتتدفق بغزارة
صور متناحرة
بعضها واضح جدا
وبعضها معتم  جدا
وبعضها بين بين
أصوات  متداخلة تلاشي بعضها البعض
نسمات الهواء معتقة بروائح لا أستطيع تمييزها من بعضها
خطوات هاربة 
عينان زائغتان
أنفاس تلهث
لأنثى مذعورة
كمذبوحة تدور في فراغات الاحتضار
أزقة ضيقة وحواري عشوائية
وجوه مغبرة وأخرى مشرقة
أجساد فوضوية 
شوارع المدينة المزدحمة بهم
جسد منهك يختبئ في أول سيارة أجرةكادت تصدمه
بيدين ترتعش تحاول تغطية جسدها الملطخ بالدماء
بالكاد تلملم قميصها الممزق
عبثا تستر ما لا يستر
شعر غجري مستسلم لعبث الهواء المجنون المندفع من نوافذ السيارة
خاتم من  ذهب يرفضه سائق السيارة عوضا عن نقود لا تملكها..
الخلاص منها كل ما يرجوه..
يثير الفزع فيه مظهرها المتوحش غضبا..
عبارات شكر خلفتها صامتة على مقعد السيارة..
بذات توحشها تنهب عجلات السيارة الإسفلت فارة من تهمة احتواء تلك الأنثى ...
درجات سلم لا تنتهي
أبواب خشبية تتلاحق
صوت القارئ يزداد وضوح مع كل باب تجتازه
سورة يوسف تعبق بها رائحة المكان
مرآة مكسورة
بكرج قهوة تنتفض حبات البن فيه محمومة
خرز سبحة يتصادم بخشوع بين أصابع تلك العجوز وهي مجللة بثوب صلاتها الأبيض
صورهم النابضة على الجدران
كما لو أنها تقهر الموت بخلود رسمهم...
موس الحلاقة وفرشاة أسنانه
جثتين  على المغسلة
علبة طلاء أظافر آخر ما حملوه إليها منه...
سنوات وهذه الجدران شاهد
على  صراع أزلي بين موت وحياة
حضور وغياب
وهي مصلوبة منذ زمن على بوابة الاحتمالات
أنثى تتوحش غضبا
تدور وتدور حول محور وهمي
تسابق الريح بخطواتها
لتدرك بعد حين أنها لم تبارح مكانها!!!
 أرضية هشة ترتكز عليها قدميها المرتعشتين
انتصفت  الصالة
تقر فصت منكمشة على بقاياها
اختفت الصور!!
خلت البراويز؟!!
وحده الفراغ الموحش ينتحب؟!!!
تحلقوا حولها
تداخلت أصواتهم
تبعثر صوت القارئ في ضجيجهم
من بين أجسادهم المتراصة لاح لها
بطلته الملائكية
يقف أمام تلك المرآة المكسورة
المتكئة على جدار مشروخ
وفي يديه رقصت شفرة الحلاقة
بخطوات رشيقة على خطوط وجهه
على إيقاع فيروزي  أصيل
مأخوذ  بطقوسه
 حواسه لا تلتقط  تلك اليد الصغيرة التي تشد أطراف قميصه
يد طفلة ضاعت في  الفراغ المعتم بين جدارين
طفلة لفظها رحم ذاكرتها
عتمة باردة
من على جدار آخر صرخت عقارب الزمن
أجهض الزمن ساعة
وأجهضت الحياة رجل
وخلت يد الصغيرة من أطراف قميصه
أخذت تقترب تلك الصغيرة منها
جلست أمامها
ذات الجلسة
علقت عيناهما ببعض للحظات
لتمضيا بعدها إلى غربة أبدية
تقبعا على مقاعد الانتظار الصامت
خلف أبواب مواربة
تضيق الجدران
يتصاعد الضجيج
يزداد انتحاب الفراغ
تتفاقم البرودة
تتعمق العتمة
يتراخى السقف
تصرخ الأبواب
تتناحر خرزات السبحة
تغلي حبات البن
تنزف علبة طلاء الأظافر على  جسدها
تستعر الأنفاس
يملأ الدخان الأسود المكان
تختفي كل التفاصيل
تتلاشى كل الصور
تتلاحم الجدران
تحتضن الأرض السقف بشوق
وحده الدخان الأسود يفر من بين الثقوب
لتنغلق خلفه
على ضياع طفلة
وتوحش أنثى

ناديا
الخميس 11 أغسطس 2011م
الثانية والنصف مساء





هناك تعليق واحد:

  1. لو ان الذاكرة انثى ثقي بانك لن تبكي يوما
    لانة لن يستطيع تحمل نزفها"كما تتحمل الانثى" وسيجري اليك..
    "ناديا انت مبدعه"

    ردحذف