الأربعاء، مايو 01، 2013

تفاصيل غريبة!!


سماء تزهو جمالا بغيوم تتكدس على صفحتها بدلال،،
هذا أول ما صفعني لحظة خروجي من منزلي صباحا..
ابتسمت ،،
هذه بشائر خير..
وحدها السماء الصافية تخنقني!!!
ألقيت بنفسي في السيارة ..
وانطلقنا نلتهم المسافات ككل يوم ذهابا وإيابا ...
طرقات ملتوية..
منعطفات لا تنتهي...
و بعض الجمال السائبة التي لن تفوتك مقابلتها عند الكيلو 36 يوما ؟!!
دوما تكون النافذة على يميني ،،
لأني دوما أجلس خلف المقعد المجاور للسائق..
أبدا لم أجلس يوما خلف السائق مباشرة في حياتي !!
أخاف تلك البقعة من الأمكنة في الحياة ...
انتهت الطريق عند ذات البوابة الضخمة للمدرسة حيث تنتهي بنا كل يوم...
قبل أن تطأ قدمي أول قطعة بلاط داخل سور المدرسة شعرت بشيء لم أفهمه...
لم يكن هناك أحد سوى الهواء العابث وهو يلاحق أنفاسي  ،، يختطفها مني ليطير بها في فراغات الكون،، يحملها لكل ذرة كونية ،، كأنه يريد اغتيال كل معالم الحياة بأنفاسي المسمومة!!
خلعت عباءتي وعلقتها في مكانها المعتاد،،،
شعرت ببرودة  انتفض لها جسدي!!!
تمنيت فنجان القهوة لحظتها،، لكنني اليوم نسيت أن أحمل قهوتي معي ...
اليوم ثمة تفاصيل غريبة تطل من بين أروقة الحياة..
تفاصيل لا أعرف من أين تنبثق بهذه الجرأة؟؟؟
جلست خلف مكتبي ..
أكملت حديث كنت قد بدأته منذ ساعات الفجر الأولى مع صديق محبب إلى روحي ...
وصل الجميع متأخرين!!!
خطواتهم المتناحرة أيقظت الجدران من غفوتها ...
ضجيجهم طرد بحضوره الهواء العابث بي منذ وصولي ...
ارتحت بعض الشيء بحضورهم...
ما زالت الغيوم تتمدد بكسل على صفحة السماء ...
انتهت الإذاعة المدرسية وتتابعت الصفوف في طابور منتظم إلى الداخل ...
وخلت الساحة إلا مني ،،
رفعت  عيني إلى السماء...
انهمر الحزن على روحي !!
عاد الدوار يسلبني ثباتي ..
جلست أرضا..
كنت أتنفس بصعوبة ..
منذ أيام وهذا الدوار يباغتني في أوقات لا أنتظره فيها...
كما باغتني  فجأة ،، رحل فجأة...
نهضت بهدوء ونفضت التراب عن ملابسي ...
وألقيت بجسدي على مقعد في مكتبي...
بالكاد أتنفس،، ما بال أنفاسي  تتناقص؟؟؟
أجساد تدخل مكتبي وتخرج منه..
أجساد  فقط..
لا أرى وجوه؟؟
لا أشعر بأرواح؟؟؟
أوراق كثيرة توضع أمامي ..
وقلم يتسلل  بين أصابعي..
يحط توقيعي على تلك الأوراق التي أجهل محتواها؟!!
يلفت انتباهي اسمه،، ذاك الرجل الذي أحمل اسمه في شهادة ميلادي!!
وحده اسمه الواضح أمامي !!
أعود وحدي من جديد..
تعلق عيناي بالسقف..
أحرف اسمه تتضح بالتدريج على السقف...
تتضخم،، تكبر وتتمدد حتى كادت تغادر حدود السقف؟!!

لكل منا من اسمه نصيب،،
ترى هل خبروه أنه لم يكن له من اسمه أي نصيب؟؟؟

وأغمض عيناي ..
تعصف بذاكرتي رواية بدأت في كتابتها منذ سنوات وحتى اليوم لم أكملها...
(( رجال في حياتي )) .. رواية أحب أن تكون صرختي بعد الرحيل..
شغلتني الحياة عنها ،، لكنني يوما سأنشغل بها عن الحياة...
في حياتي رجال كثيرون ..
عبروها كالغزاة تماما...
لم يتركوا خلفهم سوى الدمار والخراب...
رجال ظننتهم سندي في هذه الحياة..
فكانوا  انكساري وهزيمتي!!
حالة من البكاء انتابتني ؟!!
لم أقوى على التصدي لها ..
بكيت حتى غسلت صدري من مرور تلك الذكريات به ...
لماذا ألوم رجال خذلوا الأنثى بي حين استنجدت بدمائهم،،
إن كان من يحمل دمها هو أول من أهدره؟؟؟
لماذا ألومهم أن قتلوا فيها الحياة ،،
إن كان من وهبها للحياة  سلبها الحياة؟؟؟؟
تبا ،، كيف نسيت القهوة؟؟
ما أحوجني الآن لفنجان قهوة ..
خرجت من المكتب ،،
مررت بالفصول ..
غرفة المعلمات..
الارشاد..
النشاط..
المكتبة ..
المصادر...
ثمة أحاديث مبهمة تتهامس بها الجدران حولي؟؟!!
خرجت مسرعة إلى الساحة..
اتكأت على أحد الجدران ..
وقفت أحاول تخزين أكبر كم ممكن من الهواء في صدري..
لكن ثرثرة الجدران المبهمة أزعجتني ...
أغلقت أذني..
كفى ثرثرة أيتها الجدران الغبية...
صمتت ثرثرة الجدران،،
ضاعت في صرخات الهواء...
أرعبني الانقلاب المفاجئ في حال الطقس...
كأن الغيوم تبخرت في لمح البصر!!!
وزرقة السماء تحولت إلى سواد معتم!!!
صرخات الهواء أخذت تخفت من ثقل التراب الذي تحمله!!!
ما عدت أرى شيء أمامي..
عدت إلى الداخل ..
أعلنت للجميع أننا سنغادر بعد نصف ساعة...
لا تزال أنفاسي تتلاشى في صدري...
وغادرنا ...
طيلة الطريق وصوت يهمس في أذني ،،
انتهى ابريل.. ما عاد الشماعة التي تعلقين عليها نكبات حياتك!!
طلبت من السائق أن يفتح اذاعة القرآن..
ذكر الله كفيل بإخراس كل وسوسة شيطانية ...
لم يكن أحد في البيت مستيقظ حين وصلت..
من حسن الحظ أنهم لا يزالوا أسرى أسرتهم الدافئة ...
صعدت إلى منزلي ..
عادت ثرثرة الجدران تزعجني..
أغلقت الباب خلفي ورميت بكل شيء على الأرض ..
حتى جسدي رميت به ..
ما عدت أحتمله..
عاد ذات الدوار يزلزلني ...
سحبت جسدي بصعوبة حتى وصلت إلى كوب ماء يروي أوردتي...
أسندت ظهري إلى الجدار ..
أنفاسي ضعيفة جدا...
يا رب رحمتك هي كل رجائي....
دقائق وغادرني الدوار بعدما استهلكني ببشاعة...
منذ أيام لم أتناول شيء..
ربما هذا هو سبب الدوار المقيت ...
يبدو أن ضيافته ستطول لأني أفتقد الرغبة في تناول أي طعام ..
فنجان قهوة ،،
هذا هو زادي الذي أشتهيه..
لحظات وكانت رائحة القهوة تؤكد لي  أن في الحياة مساحات مهما ضاقت تظل واسعة جدا...
وأنا يكفيني فنجان القهوة مساحة لي ...
اعتدت أن يكون فنجان القهوة موعدي معك..
تعاريج البن العشوائية كانت تحمل لي رسائل منك ..
هذا الفنجان لا يحمل منك إلا صمتك!!!
لا بأس ،، برغم صمت فنجاني اليوم سأكمله..
لأني لا أشعر بالحياة إلا حين تغتسل دمائي بالقهوة ..
القهوة التي تختزلك رغم صمتك الموحش...
أشعر بانسيابك داخلي..
أشعر  بخطواتك في أوردتي ..
خطواتك اليوم مضطربة...
مع أن الصمت كان حديث فنجاني عنك إلا أنك حين لامست دمي خلعت صمتك عنك ...
أرأيت سيدي..
كم يوجع الصمت أرواحنا؟؟
كم تدميها قيوده؟؟
أخذت أنصت لخطواتك داخلي ...
تروح وتجيء بي ثائرا ...
ما بك توقفت ؟؟؟
ما الذي شل حركتك؟؟
هل وصلت قلبي؟؟
نعم لقد وصلت إليه..
يخيفك ما تراه؟؟
لا تقف هكذا بعتبة قلبي..
تقدم،، أكمل مسيرك قليلا ..
تفحص المكان جيدا وقل لي ..
ماذا ترى؟؟؟
أنا أعرف ما تراه الآن ولكنني فقط أريد أن أتأكد مما أعرف..
قل لي ..
هل حقا قلبي كــ البيت المهجور ؟؟
هل يصرخ الهواء محموما بين جدرانه؟؟
هل تنوح الأبواب والنوافذ فيه مرعوبة ؟؟
هل تحتضر على جدرانه بقاياك؟؟؟
أكمل سيدي طريقك..
توسط قلبي أرجوك..
أريد أن أتأكد ..
هل حقا قلبي كالبيت المهجور؟؟؟
لماذا هربت سيدي ؟؟
لم تقوى على دخول قلبي؟؟؟
إذن كيف أقوى أنا على حمله داخلي ؟؟؟؟؟
بدأت خطواتك تنسحب مني..
لماذا سيدي لا تتقن إلا الهرب ؟؟؟؟
تمهل قليلا ،، لا تستعجل فيوما ستهرب فعلا مني ..
لكن ليس بهذه الطريقة أرجوك...
سأعتقك مني ورب السماء ولكن بالتدريج...
فقط هبني الوقت لأحررك مني وأتحرر منك دون أن أخسر المزيد مني...
اهدأ قليلا ..
أريد أن أهدأ أنا أيضا....
أحسنت سيدي..
بوركت...
نم قليلا لأنام ....
كانت غرفة نومي باردة جدا!!!
مالذي يحدث في الطقس اليوم؟؟؟
هل مر الصيف دون أن أعرف؟؟؟
هل عاد الشتاء بهذه السرعة؟؟؟
أسرعت أختبئ تحت أغطيتي...
التعب نال مني اليوم القدر الذي جعلني  أستسلم للنوم بمجرد أن احتضنني سريري...
من ينام فقط هربا من اليقظة لا ينام...
نومي كان مجرد يقظة مغيبة...
كنت أنت هناك ...
في تلك اليقظة المغيبة..
جاءني اتصال منك!!!
أسرعت إلى الهاتف ..
خشيت أن لا أدرك اتصالك..
أشتاق صوتك كثيرا...
لكن الهاتف لم يحمل لي صوتك؟!!
بل حمل لي قصيدة غريبة لشاعر أحبه!!
نهضت مفزوعة...
أنفاسي تتلاحق ..
كما لو أني عدت إلى اليقظة جريا بلا توقف...
ثرثرة الجدران كانت عالية جدا ...
واضحة ،، مفهومة...
ثرثرتها تصرخ بي // وشاية القمر .. قتلتني //!!!!
كنت تخشى القمر وكنت أنصت دوما لوشايته!!!
وشاية القمر.. قتلتني!!!
احتضنت جسدي ورحت أبكي برعب الكون الذي سكن روحي  بعدك...
سيدي
لا تخشى القمر بعد اليوم....

ناديا الشراري
الأربعاء
1 مايو 2013م
05:13 م
(( ملاحظة..
ما زال الهواء يصرخ.. وما زلت مرعوبة جدا.. كم أتمنى لو أنك هنا أستعيذ بك من مخاوفي.. ))



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق