الأربعاء، ديسمبر 21، 2011

مات رجائي




على مقعدٍ من انتظار جلسنا أنا وهو  نلتقط أنفاسنا...
أنفاسنا التي أنهكها  طول المسير في طرقاتك المعتمة سيدي...
هو فقط من بقي  لمرافقتي في    رحلتي  إليك...
إنه ((الرجاء)) سيدي  آخر رفاقي  المخلصين...
  بعد تلك الراحة التي  نختطفها  من بين أنياب الخوف ننهض لنكمل  الرحلة...
أتأبط ذراع الرجاء   ليسند يأسي ...
ويستند هو على عشقي لك...
نتابع مسيرنا  في طرقاتك الموحشة...
علّ صدفة تجمعنا بك  في ممر من فراغ تكون فيه متاحا لمصادفتنا...
لكن ممرات الفراغ نادرة جدا في طرقات حياتك سيدي...
ورفيقي الذي أستند عليه بدأ يضعف وتنهار قواه...
بت أخشى أن أفقده فلا يعود شيئا يسند خطواتي المهزوزة ...
بت أخشى أن أصاب بالشلل فأعجز عن مواصلة الطريق...
كل لحظة تتفاقم عتمة الدرب التي تقود إليك...
وكل خطوة يزداد ضعف سندي ليزداد احتمال انهياري ...
آهٍ يا رجائي الحبيب كم أنهكتك معي...
على أقرب مقعد انتظار صادفني جعلت  المسكين يستريح قليلا ليستعيد عافيته
كي لا أفقد أنا عافيتي ....
جلست أنظر إليه وهو يلهث ويسعل  ..
بدا محموما لدرجة جعلتني أفقد أي أمل في نجاته...
ماذا أفعل ؟؟؟
بمن أستعين؟؟؟
تلفت حولي ...أستجدي أي  بصيص  أمل
لكن لا شيء حولي سوى مقاعد الانتظار
ومنعطفات الحظ الموحلة
وبضع ممرات الفراغ
وعتمة تتسع أكثر وأكثر
يا إلهي ها قد بدأ رفيقي المسكين يحتضر
رحت أركض كالمجنونة أتلمس طريقي في هذا الظلام الموحش
أقع أكثر مما أسير
لكنني أعاود النهوض
تعثرت بأكثر من مقعد
وسقطت بأكثر من منعطف
واصطدمت بأكثر من ممر
لكنني قاومت
نهضت ألف مرة من جديد
ومضيت أركض بكل قواي
ووجدتني أعود من حيث بدأت؟!!!!
كنت أركض  في دائرة مغلقة!!!!
تبا أكنت طيلة الوقت أبحث عنك في ذات المكان؟؟؟!!
يا إلهي كيف كنت َبهذه البراعة لتجعلني أدور حول نفسي  في الوقت الذي ظننتني به قد قطعت شوط كبير من المسافة بيني وبينك؟؟؟!!!
نظرت لرفيقي وهو ينازع سكرات الموت
أسرعت إليه
حاولت انقاذه بكل الطرق التي أعرفها
حاولت انعاش قلبه
لكنه كان يختنق ويختنق
عبثا رحت أجري له تنفسا صناعيا
مات رجائي الحبيب بين يدي
مات على مقعد من انتظار في طرقاتك المظلمة
مات بينما كنت وإياه نبحث عنك
نتلهف لملاقاتك
مات وأنت قيد غياب
سيدي
شائكة ٌكل الطرقات التي تقود إليك...
مليئة بجثث من آمنوا بعشقي لك...
قلبي وروحي وعقلي
ثقتي وولائي ووفائي
أمسي ويومي وغدي
أملي وحلمي ورجائي
كل هذه الأرواح التي أزهقتها  سيدي ستظل دوما حائل بيني وبينك...
سيدي
قتلتني حين قتلتهم
وأنا قتلتهم حين عشقت رجل مثلك
رجل لا يعترف بالطرقات المشعة بالنور
ولا يقوى على النبض خارج المنعطفات الموحلة
وأبدا لا يكون متاحا إلا في ممرات الفراغ 
رجل لا أكرم منه في عبارات  الحب المنمقة
ولا أمهر منه في اختلاق اعذار الغياب الزائفة
رجل يعرف من أين تؤكل إمرأة عاشقة
ومن أي أبواب الضعف ينفذ إليها
و في أي ساعات الحاجة يختفي من أمامها
رجل يجيد أبجديات المراوغة
ويتفنن في التحايل على المبادئ
رجل يزهق الأرواح ورغم ذلك تظل يديه بريئة من دماء قتلاه...
رجل لا يملك من الرجولة شيء
رجل لا يمكن أن يكون إلا أنت...


((إلى رجل قال لي أنتِ أغلى من حياتي ...وحين جاء الطوفان وضعني تحت قدميه..
سيدي...ما كان يهمني أن تعلن حبي  على رؤوس الأشهاد...بل كان يلزمني أن تلتقطني يدك لحظة سقوطي ..))

ناديا
الأربعاء
21 ديسمبر 2011م
07:42 مساءً






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق