الجمعة، أكتوبر 22، 2010

خرافة النسيان

لـــــــــــن أنسااااك ....

النسيان ....نعمةٌ ما حظيت بها يوما...
ولأن قدري السيئ أكرمني بذاكرة من فولاذ...لا تُغفل شيئا...
لذا لم يعرف النسيان للحظة طريقه إلى عالمــــــــي....
...........
...........
أرهقتني ذاكرتي المزدحمة به... رجلا  زرع نفسه بين حنايا روحي ورحــــــــــل...
مخلفا ورائه أنقاضي المتداعية...
لرياح الذكرى ترك أشلائــــــي....
........
.......
وبينما كنت مرهقة في محاولاتي اليائسة للبقاء ....
متعبـــةٌ منـــي...
 وصلتني هدية من صديق عزيز يدرس في أمريكا...
شاب..كان نسمة الهواء الباردة في جحيم أيامي...
قطرة الماء التي أنقذتني عندما شارفت على الهلاك عطشا في صحرائي الواســــــــــــعة...
............
............
أهداني كتاب ((النسيان)) للكاتبة التي أعشق تمرد أناملها وفوضى وجودها...
لسيدة الحرف والكلمة الأولى في الوجود ...
أحـــــــــــــلام مستغانمي...
............
............
قرأته مرة...ومرة...وأربع مرات في بحر أسبوع من الزمان...
وكلما قرأته عاودتني ذات الدهشة...
بعثرتني كلماتها ...
بين كل حرف وآخر أجده...
وبيني وبينه كانت أحلام تصرخ انسيه!!!
.....................
..................
قرأت ذاك الكتاب...أو بالأصح قرأت تلك الدعوة المباشرة والصريحة للإبحار نحو شواطئ نقية من شوائب ذكرياتٌ تؤلمنا....
وكلما تعمقت فيه...
مع أني لا أجيد السباحة...
إلا أنني أجدني مرغمة على الغوص أكثر فأكثر...
و تتابع إبحاري في مياه النسيان الهائجة...
لتتكشف لي الحقيقة...
لتتعرى أمامي ذاكرتي...
................
...............
وبعد صراع لا أعلم له عمرا...
وبين رغبتي العارمة بالتشبث بيد السيدة أحلام للنجاة من ذاكرة قاتلة...
وبين ذاكرة تختزل رجلا أقوى من النسيـــــــــان....
بقيت حيث أنــــــــــــا....
في منتصف البــــــــــــحر...
على خشبة متآكلة...
أعلم علم اليقين أنني سأغرق لا محالة ....
.....................
.....................
ولأن الغرق هو مصيري المحتوم...
وددت لو أني أملك فقط ورقة وقلم!!!
فلدي رسالة لسيدة النسيان...
لدي حقيقة أدركتها لا بد أن أبعثها لها....
................
................
سيدتي الحبيبة أحلام....
لا وجود للنسيــــــــان في تاريخنا!!!
بل هناك نوعان من البشر يعبرون ذاكرتنا...
نوعا يمضي مسرعا بخطوات تقفز على ماء....
لن يترك أثرا بعد قفزاته العشوائية....
لأنه أتفه من أن يحتل مقعدا في مسرح الذاكرة...
ولأنه أحقر من أن يكون له حرفا أو حتى نقطة سقطت سهوا في ملحمة ذكرياتنا الخالـــــــــــدة....
................
...............

ونوعــــــــــــا....يجتاحنا فجأة...
يقتحم أبواب الذاكرة دون سابق إذن....
يتغلغل في أدق تفاصيلها...
يسكـــــن زواياها...
يعشش في دهاليــــــزها...
يحفر خطواتـــــــــــــه في أوردة ذاكرتنا التي تصبح حكرا عليـــــــــــه وحده...
يتمدد فينا كسرطان لا يرحم....
............
.............
هذا النوع سيدتي الحبيبــــــــة...
يعيش في ذاكرتنا الخالية من كل شيء سواه....
حتى تصبح الذاكرة ذاتها تعيش به ولأجله...
تجتـــــــــــر عذاباته كي لا تتعفن دونه....
...............
................
وحيـــــــن يقسو...
ويمتـــــــــــطي الغيـــــــــــــاب....
تصبح كل ذرة من ذاكرتنا متعطشة له حد الموت لهفة...
تنسج عناكب الوفاء له بيوتها على أبواب الذاكرة كي لا يغادرها ولا يدخل إليها بعده أحد....
تصرخ رياح الشوق في تجاويفها....
تأن الروح بين حنايا الذاكرة العبقة به....
...................
.................
ونمضي ما بقي لنا من سنوات إن طالت...
أسرى لهذا المحتل الذي أغلق أبواب الذاكرة من بعده بمفتــــــــــاح رحل معه!!!
.....................
.....................

لا وجود للنسيـــــــــــان سيدتي....
فنحن نعيش بذاكرة أُودعت لدينا أمانة!!!
نعيش متناسين أن من يملك صك حريتنا قد رحل وخلفنا رمادا لا أكثر لأعظم حرائق عرفها الوجود....
نتناسى كـــــــــــــل شيء إلا إنتظــــــــــــاره....
إلا نسمة هواء قد تحمل عطره....
إلا حبات رمل تبشـــــــر بقرب خطواته....
ننسى أن نعيش إلا وهم عودتــــــــــــــه....
.....................
.....................

أعلم أن كلماتي يوما لن تصل للسيدة أحلام مستغانمي....
ولكنها تصلكم أنتم ...
يا من ربما يكون بينكم من يفكر في الإبحــــــــــــار....
هي مني نصيحة لا تتجاهلوها....
لا تغامروا يوما....فالنسيـــــــــــان خدعة....
نتحايل بها على الحيــــــــــــاة.....
...............
...............
((إلـــــــــــى سيد ذاكرتي ...ما زلت هنا...وما زالت أمانتك مزدحمة بك))

ناديـــــــــا
5 يوليـــــــه 2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق