الأحد، يوليو 17، 2011

وتبقى أنت



مساء الخير يا أنت
أم هي صباح الخير بما أن الساعة تخطت الثانية عشر
لا فرق بين صباح ومساء طالما أنت بخير فكلاهما يليق
لم تتصل والدتي الحبيبة  وهذا من حسن حظي لأني لم أستيقظ إلا بعد العاشرة مساء
لا شيء يستفز غضبها بقدر تأخري في النوم؟؟!!

أتدري بالكاد نهضت
كلما فتحت عيني تحبط عتمة المكان عزيمتي في النهوض
لا شيء يغري بالاستيقاظ هذه الأيام
يريحني اختبائي تحت أغطيتي
اختبائي بين طيات الخيال
بين حلم يقظة وآخر....

حين ذهبت للنوم ولحظة غفت عيني رأيت منام مزعج
مع أني لم أتعمق بالنوم فقد كنت أشعر بما حولي لحظتها
رأيت حيوان زاحف قذر يدخل بيتي !!
وبين اليقظة والخيال فسرت لنفسي ما رأيت
((رجل  سوف يؤذيني))
كنت أختنق وأنا أردد على نفسي تفسير ما رأيت
أعرف أحلامي لا تكذب
وتعرف أنها لا تكذب
كثيرة الأحلام التي حدثتك بها ووقعت لي ....
تعمقت في النوم من فرط خوفي ....
كنت أنوي  الاستسلام لنوم أطول لكن القهوة سرقتني من سريري
جلست أقرأ في رواية (وداعا أيها السلاح) للكاتب
(ارنست همنغواي) ...رواية مقبولة
حين قرأتها قبل إحدى عشرة سنة لأول مرة مزقتني من الألم
اليوم أقرأها بمنأى عن التفاعل عاطفيا مع أحداثها؟؟!!!
حتى أني أضحك على ملاحظاتي الهامشية على بعض الأحداث فيها...
هل حقا كنت بهذه السذاجة؟؟!!
هنا نختلف أنا وأنت
ما كان يمر بك مرور الكرام قديما واليوم يستثير عواطفك
يمر اليوم بي مرور الكرام مع أنه قديما كان يستنزف عواطفي
فعلا يبقى الإنسان أكثر شيء جدلا
مللت من القراءة على غير عادتي..
رحت أتجول بين صفحات النت المقيتة لتقع بين يدي قصيدة شهر زادك الحبيبة ....
بعثت بها إليك..أردت مشاركتك إياها ...
حتى شهر زادك تشعر بي !!
فكيف لا تشعر أنت وأنت ما بي؟؟!!!
عدت أكمل فنجان قهوتي على صوت عمر الحلبي وهو يشدو لشهر زادك الحبيبة (سأفتقدك جدا)
مؤلمة جدا تلك الخاطرة...
وليكتمل الألم جاء اتصال زوجة أخي؟!!!
حين رأيت اسمها على شاشة هاتفي ظننتني واهمة أو أن نظري خذلني
لكن أذني أكدت صوتها لي
فرحت بها مع إني فوجئت باتصالها فهي تجهل رقمي وأخي كذلك
لكنها قالت لي (اللي يحبك يقدر يوصلك)
أعلم أن أخي هو من جعلها تتصل
لازالت دمائنا دافئة فرغم مقاطعته لي إلا أنه يشتاقني
أنا أيضا أشتاقه فمن بين كل إخوتي هو نبض قلبي
كان يسمع صوتي وكنت أشعر بأنفاسه
أحمد الله أنه برغم قسوته لا زال أخي ....

يا أنت
أهو حلمي
أم قصيدة شهر زادك الحبيبة
أم صوت عمر
أم أنفاس أخي الغالي
لا أعلم أيها أيقظ الطفلة داخلي ؟؟؟؟
لماذا برغم كل سنوات العمر
برغم كل القسوة التي أكسبتني إياها تجارب الحياة
برغم كل المناعة التي زودتني بها عذابات الفقد
لا زالت تلك الصغيرة تنبض في روحي؟؟؟؟
ترتعش خوفا
تبكي شوقا
غير آبهة برفضي لها وقمعي لها
كيف أقتلها ؟؟
من أين تأتي بكل هذه القوة لتبقى على قيد الحياة حتى الآن رغم كل محاولاتي  لقتلها؟؟؟
بما تقتات تلك الشقية لتظل حية ؟؟؟
لن أشغل بالي بها فأنا أعلم جيدا أنها ستصمت بعد قليل
ستعود لمدفنها حتى يجيء من ينبش قبرها
من يتحرش بصمتها
لتعاود إنهاكي بها


يا أنت
انتهت الحكاية
حكاية ذاك العابر
أوقفت الاجتياح الذي كنت أخشاه
ومر اليوم دونه
مر اليوم بلا حضوره
بلا صوته
بلا حنين  يستجديه
مر اليوم بسلام تام فيما يخصه
وستمر أيام أكثر
وبمرور كل يوم ستغدو المسافة بيني وبينه أكبر
وأعمق من أن أجازف بالعودة
لم يحدث لي شيء بفقده
وأثق أنه لن يحدث
فما عاد فقدهم يمس روحي
ولا يطال قلبي
لأنهم أصلا مجرد أناس في محيطي
حولي لا داخلي
ما حولنا نتخطاه بسهولة
نجتازه دون خسائر هذا إن كنا من الأساس أدركنا وجوده
الكارثة بمن هم داخلنا
كيف نفر ممن يسكنونا؟؟؟
لا مهرب منهم فبأي اتجاه هربنا نحملهم معنا...


يا أنت
حين تنتهي زيارة عابرة لأحدهم
ويرحل أو نرحل
نجلس وحدنا نقلب في ساعة صفاء أوراق  أيامنا
ما أكثر الأوراق التي سقطت
وأكثر منها ما أسقطناه عمدا
وحدها تلك الورقة بقيت ثابتة رغم أنف الأيام
شامخة رغم ما عصف بها
واثقة أنها الأصل
وما بعدها محاولات لتقليدها
ولأنها الأصل فغيرها زائف سيضمحل لشدة زيفه
هي كُتِبت بدم الوريد
وغيرها كُتِب بحبر رخيص
وشتان بين ما خطته الدماء وما نثره الحبر ...

يا أنت
لست نادمة على ما كان مني
ولا أعتقد أنني سأندم على ما سوف يكون
لكنني أخاف الندم على ما كان يجب أن يكون وتجاهلت وجوبه


يا أنت
أنت أطهر وأعظم من أن أدرك حبك
وأنا أغرب وأصعب من أن تدرك عقلي
كلانا يمتلك قوى خفية تلاشي الآخر
كم تمنيت لو كان وجود أحدنا يكمل الآخر
غير أننا يا أنت  نقتل أرواحنا دون أن نشعر
ما بيننا  لا يستحقنا لذا سأدعه حيث هو في قلوبنا التي تنبض به
لتمضي أنت  لقضيتك السامية
وأكمل أنا محاربتي  لضعفي...

يا أنت
لغتك عقلك
ولغتي قلبي
ومن حين خطيئة آدم لا تتفق اللغتين
وحتى يرث الله الأرض ومن عليها لن تتفق
لم أنكر عليك لغتك
ولن أفعل
فلا تفعل أنت ما لم أفعله
تقبلت لغتك بكل محبة واحترام
فلا ترفض لغتي باشمئزاز واستنكار

يا أنت
لحظات هو عمرنا مهما طال
بين موت وميلاد وُجِدنا
جئنا وما كان لنا بالمجيء قرار
وسنرحل ولن يكون لنا بالرحيل خيار
لذا لا ترهق نفسك بما بين اللا قرار و اللا خيار
دع كل شيء يعبر من أمامك بهدوء
لا تحاول إيقاف عابر لن يضرك عبوره بشيء
غير أن محاولتك لإيقافه قد تنهي وجوده

يا أنت
صعب أن نفهم قوانين الحياة ومجريات الأمور فيها
والأصعب أن نتقبل ما لا نفهمه
صعب أن نفهم غموض البشر وتقلباتهم
والأصعب أن نرغم على ما لا نفهمه
لكن هي الحياة لا نملك رفضها ونحن لم نخترها
وهم البشر لا نملك اعتزالهم وهم محور الكون لنا

يا أنت
أعجبتني فلسفة للشاعر الساخر الكسندر بوب
يقول فيها
((طوبى لمن لا يتوقع أي شيء فإن ظنه لن يخيب أبدا))
وأنا لا أتوقع أي شيء
ولا أحلم بأي شيء
لأني لست حمل خيبة ظن جديدة
فكن كذلك
لا تتوقع شيء
ولا تحلم بشيء...

يا أنت
يقولون أن الإنسان يحب مرة واحدة فقط
وأن كل حب بعد ذلك ليس إلا  محاولات يائسة للنسيان....
أحقا ما يقولون؟؟؟
سؤال عشت طويلا أبحث عن إجابة مرضية له...
اليوم وجدتــــــــــــها...
وجدتها بعد كم هائل من محاولات النسيان العبثي ....
كلها فشلت وبلا أدنى شك....
لم أقوى على نسيانك رغم أني تناسيتك كثيرا...
لم أجد منهم من يليق بالحلول مكانك في قلبي....
وعجزوا جميعهم عن سد ولو جزء بسيط من فجوة الفقد التي خلفها غيابك في أوردتي....
أعلنوا هزيمتهم أمام طغيان حضورك...
و أعلنت بملأ قناعتي أنك الخالد الذي لا شيء يمحو وجوده...
لا الغياب ...
لا الخذلان...
لا اليأس...
لا أنت ولا أنا ولا هم يمكننا تجاهل الحقيقة الصارخة...
حقيقة أنك رجل اجتاحني بعنف....عصف بي بقوة...
ملك واقعي,,, واستوطن  ذاكرتي ....
ليرحل مطمئن ,,,بأن روحي ستظل موشومة به...
وذاكرتي ستظل مزدحمة به....
واثق أنه لن  تقوى الأزمنة على تتابعها...
ولا قصص الهوى الوهمية على تعاقبها ....
ولا عوامل تعرية النسيان ....
لا شيء منها سيقوى على زعزعة ثباته....


يا أنت
جميع من طرقوا  أبوابي كانوا يخشون تحدي وجودك....
يتسللون إلى عالمي بتردد....
يعرفون مسبقا أنك أقوى منهم....
ذكراك أوضح حضور من حضورهم....
لكنهم بكبرياء يراهنون على قتل وجودك.....
يستنزفون كل طاقاتهم ....
يبذلون كل ما يملكون...
ليقفوا أخيرا عاجزين عن المضي في تحدي ليسوا ندا له....
فمثلك لا يراهن على قتله...
و لا يجازف بمواجهته....
ينسحبون بصمت ....


يا أنت
لا أحد منهم فاته ملاحظتك على ملامحي ....
لا أحد منهم إلا ورآك تنبض داخلي ....
تتمدد بأريحية على أناملي ...
تبتسم على شفتي...
تبكي في عيني...
من فرط عشقي لك بت أنت ....
من قوة حضورك صرخت كل ذرة مني بك....



يا أنت
حتى متى أبحث عنك بهم؟؟
حتى متى أنتظرك بقدومهم؟؟؟
أتوقعك بحضورهم؟؟
وحتى متى أشهد هزائمهم بسببك؟؟؟
وتشهد أنت تخبطي بسببك؟؟؟

يا أنت
قلت لك
((والله ما هزمني سواك))
فضحكت مني
قلت لي
((لا هزيمة بيننا بل هو النصر لكلينا))
فبكيت منك...
فأي نصر هو ذاك الذي يضحكك ويبكيني؟؟!!!

يا أنت
كن بخير
ناديا
الأحد 17 يوليو 2011م
02:05فجرا








هناك تعليقان (2):

  1. ايتها الكاتبة الكبيرة رسالة تحية وتقدير الى كل حرف وكل كلمة تسطرها اناملك لتخطى اسطر تريح العقل بمجرد
    ان تراها العين
    كم انا محظوظ ان انال شرف قراتى لكلماتك وكم اتمنى ان تصبح حياتى كلها فى قراءة
    (خربشة على جدران الزمن)

    ردحذف
  2. هنا نختلف أنا وأنت
    ما كان يمر بك مرور الكرام قديما واليوم يستثير عواطفك
    يمر اليوم بي مرور الكرام مع أنه قديما كان يستنزف عواطفي
    فعلا يبقى الإنسان أكثر شيء جدلا
    مللت من القراءة على غير عادتي..
    ...........
    سأعاود قرائتك مره ومراه لتحليل كل حرف من حروفك سيدتي الفاضله
    مجنونة أنتي..

    ردحذف