الأربعاء، نوفمبر 17، 2010

قهر البشر

كان مغلوبا على أمره
مقيدا بأغلال الظروف
يقهره الفقر
تستعبده الحاجة
طالت يده
امتدت مكرهةٌ لممتلكات الغير
وهكذا سجلوا اسمه بحروف من عار في ملحمة الأيام

وبين قهر الحاجة
وعذاب الاستنكار للوسيلة
تفاقم الصراع في داخله
حتى كان ذاك اليوم
قرر أن يعيد صياغة تاريخه بحروف مشرفة
اغتسل بماء التوبة الطاهر
ولأن الله غفور رحيم
لم يغلق أبواب العفو في وجهه

سار في طرقات الحياة يتفاخر بثوب العفة
راقه كثيرا ثوبه الجديد
غير أن الطرقات لم تخلو من عثرات مرهقة
منعطفات مظلمة
مستنقعات قذرة

تعثر كثيرا
وكل عثرة يعقبها نهوض شامخ
أنهكته عتمة المسير
فأحرق بنور إيمانه ظلمة الزيف
تطفل وحل الطريق على ثوبه
لكن ثوبه لا يلتقط شيء
لا يعلق به شيء

قالوا له
ثوبك الجديد لا يليق بك
ستبقى قذرا
وان ارتديت ثيابا من ذهب
فأغلق أذنيه عن نعيقهم
قالوا له
لن تتغير صورتك في أعيننا
ستظل صورة مشوهة
حتى لو وضعت لها برواز من ألماس
فأوصد أبواب قلبه في وجه شياطينهم

ومضى لدربه يتسلح بإيمانه التام
بأننا بشر
لسنا ملائكة
ولأننا بشر فنحن ليوم القيامة خطاءون
وخير الخطاءون التوابين

وسيمضون في محاولات مستميتة لزعزعة ثباته
لملأ دربه بكل المغريات للعودة حيث كان
لأنهم بشر
ليسوا ملائكة
ولأنهم بشر فيوما لن يعرفوا الغفران
لن يملكوا القدرة على النسيان
نسيان أخطاء الغير مهما كانت
وتقبل توبتهم
ورغبتهم الصادقة في البدء من جديد

وبين إصراره
وبين رفضهم
تبقى نيته الصادقة وقوة إرادته ومناعة دفاعاته
هي الفيصل ......  


**********
**********


كثيرون هم الذين يرتكبون من الأخطاء (على اختلافها) ما لا تحصيه صفحات الأيام عددا
ولا تتقبله عقول البشر سلوكا
وأكثر  أولئك الذين  يعودون إلى شط التوبة مسرعين
بعد أن أوشكوا على الغرق في الخطيئة
التوبة حق مشروع للجميع
والله عز وجل جعل أبوابها مفتوحة لكل عائد ونادم
بل أنه سبحانه يفرح بتوبة عبده
وهو الغني عن كل العباد
فلما يستنكر البشر ما لا يجوز لهم استنكاره؟؟
لما يرفضون منح ما لا يملكون؟؟

عندما نجد هناك إنسان تمرغ في الخطيئة لزمن
قد قرر التطهر من كل شيء
نفرح بذلك ظاهريا
نثني على حسن قراره وصواب خياره
ونبقى في دواخلنا عاجزين عن تخطي ماضيه
عاجزين عن النظر له من منظور مختلف يتماشى مع وضعه الجديد
يبقى  بالنسبة لنا ذاك (السارق/المدمن/المنحل أخلاقيا....إلخ) أيا كانت وصمة الخطيئة التي وصم بها ....

لماذا نُنَصِبُ أنفسنا قضاة وجلادين؟؟
لماذا نمنح أنفسنا الحق في تمزيق  الغير؟؟
لماذا نحن أضعف من تجاوز سلبيتنا البشرية وتخطي سطحية ومحدودية أنظارنا؟؟؟

كثيرة هي الأسئلة التي تنهش روحي
و أكثر منها خناجر الاستياء التي تتناوب تمزيقي

لست أعلم عن أي شيء أبحث لديكم
ولا أدرك لما كتبت ما كتبته
ربما لن يكون لأسئلتي يوما جواب يقيني شتات الضياع الفكري
ولن أجد طوق نجاة من ثورة التعاطف البشري

لكن ولأني دائما أضعف من أن أبقي صرختي طي الصمت
كتبت ما كتبت

أتدرون
أنا ذاتي أتساءل بيني وبين كل سطر كتبته هنا
هل أنا منزهة عن ما استنكرته في عباراتي السابقة؟؟
هل أنا قادرة على الصراخ بأعلى صوتي (أنا لست منهم)؟؟
وأقصد بــ منهم (أولئك الذين يحظرون على التائب التجول في مدينة الفضيلة ).....

يا سادة
لا أنكر أني أعتبر كل حرف ينتمي لي ليس إلا خربشة لا تنتمي لمذهب معين ..ولا ترقى لسمو معين...
غير أنني يوما لم أمارس الخربشة إلا بعد أن يستثير أحدهم مكامن الغضب في أعماقي...
حينها تشتعل أوردتي ..فتنزف أناملي...

تتحرش بي فوضى الحياة ..وتشاكسني عشوائية البشر...
فتثور لغتي...

أعرف كائن بشري...
ينتفض قهرا في مكان ما على هذه الكرة الأرضية...
ما ترك خطيئة إلا أتقنها..
ما ترك ذنبا إلا مارسه...
ورغم ذلك عاد مقرا بما كان منه...
تاب لله..
وقهره البشر بظلمهم...

أقول له
هو وكل المقهورين
((إرضاء الناس غاية لا تدرك...ليكن رضا الله وحده هو غايتك..)).....

عذرا يا جدراني لهذه الخربشة التي جرحت هدوئكِ
ناديا
17 نوفمبر 2010م










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق