الجمعة، ديسمبر 03، 2010

دعوني بسلام

الخوف
كلمة سمعتها كثيرا
إحساس سألني عنه أغلب الناس
((ألا تخافين وحدكِ؟؟))

وقتها كنت أجيبهم بابتسامة ثقة تنير وجهي
((أنا بخوف ما بخاف))

ما خطر لي أبدا أن يجيء هذا اليوم
اليوم الذي ترتعش فيه كل ذرة مني خوفا ؟؟!!!

هجروني طفلة
مات خالي
رحل أبي
سلبوني أحلامي
قتلوا طموحاتي
حرموني أمومتي
حطموا حياتي
جردوني من كل شيء
ورغم كل ذلك لم يمس الخوف قلبي للحظة

ألف حرب وحرب خضتها
ألف هزيمة وهزيمة عايشتها
ألف انكسار وانكسار تقبلته
ورغم كل ذلك لم يعرف الخوف طريقه لي


اليوم الجمعة الثالث من ديسمبر لعام 2010م
وفي تمام الثانية والنصف من فجر هذا اليوم
وفي هذه اللحظة
ومع هذا الحرف
أعلنها بكامل وعيي وبآخر أنفاس الشجاعة لدي
أنا خائــــــــــــــــفة!!!!!!!!!!!!
نعم
أنا خائفة
خائفة جدا

ذات زمن والله ما عدت أذكره وجدت نفسي دون وعي مني
أنسحب بهدوء من العالم المحيط بي
التجأ للعزلة
في بداية الأمر كانت عزلتي روحية بحتة
فكرية حد النخاع
جعلت روحي في معزل تام عنهم
أقضي وقتي معهم جسدا بلا روح...بلا عقل
حواسي بأكملها ممنوعة من التعاطي معهم
أقمت أسوار شائكة بينهم وبين أفكاري
عقلي في منأى عن ضوضاء تخبطهم
شيئا فشيء وجدت الحاجز بيني وبين العالم الخارجي يعلو
ومن حيث لا أشعر ضاعت آخر خيوط الوهم التي تربطني بهم
حتى جسدي انضم لروحي وعقلي في تلك المقاطعة
وبين ليلة وضحاها ما عدت قادرة على تجاوز تلك الأسوار الشائكة بيني وبينهم


والدتي غاضبة جدا لأني أرفض الزواج
أختي غاضبة جدا لأني أرفض الخروج من بيتي
سكرتيرتي وصديقتي الوحيدة غاضبة جدا لأني استقلت من عملي
أستاذي الحبيب غاضب جدا من طريقة تفكيري و عشوائية تصرفاتي

يا إلهي من هذا الكم الهائل من الغضب الذي يترصد بي
حرائق لا أطيق لهيبها
ما أشقاني بهم

أتمنى لو أني قادرة على مداراة غضبهم
ليتني أملك القوة لأستبدل ذاك الغضب برضاهم التام
لكن الأمر ليس بيدي

يا أنتم
رفقا بي
رفقا بروحي فما أنا إلا بشر
ما أنا إلا كيان مزقه الزمن
وقتلتموه بجهلكم
يا أنتم
لا شيء يمنعني من بلوغ رضاكم سوى الخوف
نعم الخوف
أرفض الزواج لأني أخاف الفشل من جديد
لأني لا أملك شيئا أقدمه لأي رجل
أرفض الخروج من بيتي لأني أخاف الطرقات المظلمة المليئة بالخفافيش
أخاف المنعطفات العبقة بالعفن
أرفض العودة إلى عملي لأني أخاف كاميرا جديدة ترصدني
أخاف خيانة جديدة تخذلني
أرفض التفكير بعقلانية لأني أخاف الفجوة السحيقة التي ستفصل بين ما أقتنع به من الواقع وما أرفضه لأني لا أريده
أرفض التصرف بمنطقية لأني أخاف أن لا أعرفني
أخاف أن لا أشبهني

  
 الخوف وحده ما يمنحني مناعة تامة ضد العيش بشكل بشري لا أكثر
الخوف هو القيد الذي يكبلني عن اللحاق ببقايا الأمل
الخوف هو من يجعلني أخسركم وأخسرني

والله صرت أخاف حتى من أحرفي التي تغادرني
فلما تلومون وتعتبون
لما تستنكرون تصرفاتي
وتثورون لصمتي
لما تحاسبون من لا حول لها ولا قوة
وتنسوا محاسبة من زرع الخوف في أوردتي وشراييني ؟؟؟؟

لا شيء لكم عندي
قضيتكم ليست معي
قضيتكم مع الخوف الذي يسكنني
دعوني وشأني
كفاني تلك الحرب التي أخوضها معي
لست حمل حرب معكم
دعوني لخوفي
لأنتهي بسلام
بصمت
الخوف أصبح قدري
ولا أحد يهرب من قدره
ناديا
3 ديسمبر 2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق